الاحتلال يشدد إجراءاته العسكرية على حواجز نابلس    لازاريني: الأونروا هي الوصي الأمين على هوية لاجئي فلسطين وتاريخهم    شهداء في قصف الاحتلال منازل مواطنين في مدينة غزة    3 شهداء و10 مصابين في قصف الاحتلال شقة غرب غزة    الاحتلال يأخذ قياسات 3 منازل في قباطية جنوب جنين    فتح منطقة الشهيد عز الدين القسام الأولى والثانية إقليم جنين تستنكر قتل خارجين على القانون مواطنة داخل المدينة    استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله  

نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله

الآن

رجل لم يعرف اليأس .. «لذكرى القائد أبو العبد خطاب»- يحيى رباح


لا أستطيع أن أصف لكم خليط المشاعر التي اجتاحتني حين تلقيت خبر رحيل اللواء عارف خطاب «أبو العبد» وهو يتحول وسط الحشود التي تجمعت في ليل الخميس الماضي في ساحة الشهيد ياسر عرفات «السراي سابقا» في قلب مدينة غزة، استعدادا للمهرجان الكبير بذكرى الانطلاقة يوم الجمعة الماضي الذكرى الثامنة والأربعين للانطلاقة فتح،. انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة!!! حيث كان أهل القطاع المليون وثمانمائة ألف قد دعوا أنفسهم لمهرجان الفرح والضوء والوفاء وقوة الانتماء الوطني، الذي حضره يوم الجمعة قرابة مليون ومئتي ألف شخص بكل أجيالهم وشرائحهم، رجالاً ونساء، مسنين وأطفالاً رضعاً، حشوداً في توازن الشتات والقوة وذوي احتياجات خاصة من كل الفئات.
جاءني الخبر مفاجئا، ما الذي أثقل عضلات القلب الواهنة؟؟؟ ما الذي أغلق الشرايين المتدفقة بالدماء؟؟؟ تتعدد الأسباب والموت واحد، ثم إنكم إذا جاء أجلكم لا تستقدمون ساعة ولا تستأخرون، وقد ارتأى الأصدقاء أن يشارك أبو العبد خطاب في المهرجان بجثمانه بينما كانت روحه تحلق فوق المكان صاعدة إلى الملأ في مقبرة الشهداء يوم السبت، فليرحمه الله، ويسكنه فسيح جناته.
عرفت « أبو العبد خطاب « أول مرة في العام 1964 في القاهرة، حيث كان لاجئا سياسيا، بعد أن شارك في انقلاب عسكري في دمشق في بدايات عام 1962 ردا على الانفصال، ولم ينجح الانقلاب، فهرب إلى مصر واستقبل كلاجئ سياسي، وحين التعبئة في العام 1954، كان اللقاء في منزل مناضل فلسطيني كبير من الطراز الأول وهو الشهيد صبحي ياسين الذي كان قد أسس مجموعة كفاح مسلح باسم «طلائع الفداء» سرعان ما انضمت إلى حركة فتح بعد حرب حزيران عام 1967. ثم تعمقت علاقتي مع أبو العبد حين التقينا في فضاء فتح، ويا له من فضاء واسع، ثري، متنوع، مزدهر، بكل ألوان الورود النادرة، لأن الحضن الوطني يتسع للجميع وليس فيه حواجز ولا ممنوعات آيديولوجية، فكن كما شئت المهم أن تكون فلسطينيا، وحين تختار وتحسم أمرك وتصبح عضوا في فتح التي تعني فلسطين، تكتشف أن أصعب شيء، وأثقل عبء، وأخطر ملاحقة، وأفدح ثمن هو أن تكون فلسطينيا، وكذلك حينئذ تكون قد اكتشف واقتنعت إلى حد بياض اليقين، أن أقدس شيء، وأجمل شيء، وأنبل شيء أيضا هو أن تكون فلسطينيا.
في فضاء فتح، وقوات العاصفة، وقوات الثورة الفلسطينية، وجيش التحرير الفلسطيني، توطدت صداقتي مع أبو العبد خطاب، ابتداء من كتيبة شهداء أيلول التي كان مؤسسها وقائدها في القاطع الشرقي من جنوب لبنان، إلى البقاع، وانتشارا في مواقع أخرى، حيث كان ابرز قادة معسكرات التدريب، حيث اشتهر بتنظيم المقاتلين الجدد في نهاية فترة التدريب بالذخيرة الحية، وكان يطرز الرصاص من أمامهم ومن خلفهم ومن جنوبهم ومن شمالهم، وهم يصعدون من الخنادق أو يزحفون من تحت الأسلاك الشائكة، كأنما يعزف سيمفونية متناسقة مبدعة تثير الإعجاب إلى حد الدهشة، وكانت آخر اللحظات في المنفى قبل أن نلتقي في الوطن، حيث كان قائدا لقواتنا في عدن في جنوب اليمن، وذهبت هناك لأكون أول سفير فلسطيني في دولة الوحدة اليمنية التي شاهدت ميلادها إلى جانب الرئيس عرفات، وأدعو الله من كل قلبي أن تظل موحدة إلى الأبد.
كنت قد رأيته قبل ساعات من موته، حيث جمعنا لقاء في فندق المتحف مع عدد من الأجسام القيادية الفتحاوية استعدادا للمهرجان، قادة من هيئات الضباط المتقاعدين، ومن المجلس المركزي الفتحاوي للمرأة، ومن أمناء سر الأقاليم والمكاتب الحركية... الخ، تبادلنا الابتسامات، سوف أظل أذكر حتى يأتيني يقيني كم كانت ابتسامة حميمة، وكم كان وجهه ذهبيا، هل الأرواح تتوهج لحظة الصعود؟
حكاية أبو العبد خطاب مثل حكاية أي فلسطيني من أبناء جيله من الفلسطينيين، هو أتى من قرية في الشمال، من الجليل، وأنا أتيت من قرية في الجنوب، كل واحد من أبناء جيلنا خرج ولم يعد، طفنا كل أصقاع الأرض، وعاصرنا التجارب حلوها ومرها، أعطينا بقدر ما أراد لنا الله، وأبدعنا، وحاولنا، ولم نعد، اقتربنا كثيرا جدا ولم نعد، إنه السر كامن هناك، في أعمق تلافيف الذاكرة، في طيات القلب العميقة، أنت أيها الفلسطيني، سرك معك لا يراه غيرك، لا يتحسسه سواك، ومن اجل هذا السر العميق المفرح الموجع، القريب البعيد، الممكن المستحيل، يجب علينا جميعا كفلسطينيين أن نقسم بألا نيأس، بل نظل نحاول، نخرج من الكبوات، نرفض تزوير أجندتنا، نرفض أن نكون نماذج مبرمجة سلفا، لا تقبل الخديعة، وحين يداهمنا الحزن كسيل جارف، نبكي ونخفي دموعنا عن أعدائنا، ألم تكن أنت هكذا يا صديقي؟؟؟
فلروحك السلام


 
 
 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025