الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

غزة والرهانات الحزبية الضيقة- علي جرادات


بصورة غير مسبوقة، فاجأت الجميع، احتشد في غزة، (وفقاً لأكثر التقديرات تواضعاً وحيادية)، 700 - 800 ألف، لإحياء الذكرى 48 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، انطلاقة حركة “فتح” . هنا حدث فلسطيني كبير يحتاج إلى قراءة وطنية موضوعية، تنأى عن حشر دلالاته واستحقاقاته الكبيرة في نطاق تفسيرات فئوية ضيقة تواصل الدوران في حلقة الانقسام الداخلي، وما أفرزه من وعي حزبي مريض، بائس، ومشوّه، يتناقض، على طول الخط، مع وعي الشعب الوطني الأصيل الرافض للانقسام، والطافح بالاستعداد للتضحية في سبيل الخلاص من الاحتلال، وانتزاع الحقوق الوطنية المغتصبة في الحرية والاستقلال والعودة . وفي إطار القراءة الوطنية الموضوعية العميقة لهذا الحدث، يمكن الاجتهاد بالقول: منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي صار واضحاً وصول تجارب أحزاب حركات التحرر الوطني التي حازت السلطة بالشرعية الثورية إلى طريق مسدودة، بسبب عدم إدراكها، سيان بوعي أو بجهالة، أن تجديد، أو الحفاظ على الشرعية الثورية التي أوصلتها إلى السلطة بات مرهوناً بشرعية الانتخابات القائمة على التعددية والتنافس الحر بين البرامج المختلفة، وهو ما يتناقض مع نظام الحزب الواحد الذي لا يقود، (حتى مع ديكور الجبهة الوطنية)، إلا إلى الخلط بين الحزب الحاكم والنظام السياسي، وبين الأخير والدولة، وبالتالي إلى التفرد والإقصاء والانقسام والاحتراب والفساد . وقد كانت خسارة جبهة التحرير الجزائرية للانتخابات في العام ،1990 النموذج العربي الأبرز لعواقب هذا الخلط .
لهذا، وعليه، كان على حركة “فتح”، بوصفها التنظيم القائد للإطار الوطني الفلسطيني التحرري الجامع، منظمة التحرير الفلسطينية، أن تهضم الدرس، وأن تتعلم من تجربة غيرها، إذ بنشوء “السلطة الفلسطينية” في العام ،1994 ورغم طابعها الانتقالي، ومحدودية صلاحياتها، وفقاً لشروط اتفاق أوسلو القاسية والتزاماته الثقيلة، سياسياً وأمنياً واقتصادياً، احتل معيار كيفية إدارة الشأن الداخلي مساحة أوسع في الحكم الشعبي على أداء فصائل المقاومة الفلسطينية المتنوعة، حتى إن ظلت إدارة الصراع مع الاحتلال والفعالية النضالية ضده، هي المصدر الأساسي، والمعيار الأول لشعبية هذه الفصائل . لكن يبدو أن قيادة حركة “فتح” التي نالت شرف تفجير الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة، وظلت بلا منازع، التنظيم القائد لحركة التحرر الوطني الفلسطيني، وأكثر فصائلها كفاحية، لم تلتقط، أو لم تلتقط بما يكفي، هذا التحول النوعي، حيث أدى، إدخال، (كيلا نقول “تذويب”)، التنظيم الشعبي للحركة في تنظيم السلطة وأجهزتها الأمنية والإدارية، إلى تحميله وزر هذه السلطة، بما هي خيار فاشل في إدارة الصراع مع الاحتلال، ومنفرد، وفاسد، وزبائني في الحكم وإدارة المجتمع، ما أدى، (منطقياً وبالضرورة)، إلى هزيمة حركة “فتح”، رغم سجلها النضالي المديد، في الانتخابات التشريعية والمحلية في العام 2006 التي كشفت عن تراجع شعبية الحركة، وتصدع تنظيمها، واستفحال الصراع بين أجنحتها . والأنكى، وعلى الرغم من هذه الهزيمة، فإن قيادة حركة “فتح” لم تتعظ، ولم تقم بإجراء المراجعة النقدية المطلوبة، لا كسياسة ولا كسلطة، فهل تقوم بذلك بعد المكافأة المعنوية، (الرهان)، التي أعطتها إياها جماهير غزة في ذكرى انطلاقتها ال48؟
وفي المقابل، يبدو أن قيادة حركة “حماس” التي حققت فوزاً مبهراً في تلك الانتخابات، لم تتعلم الدرس، بل واغترت بفوزها إلى درجة تجاهلت معها حقيقة أن فوزها كان تعبيراً عن رغبة شعبية في التغيير وجدت ضالتها، (آنذاك)، في ما قالته هي، (“حماس”)، عن نفسها كقوة معارضة غير مجربة كسلطة، وأن اعتمادها “شيطنة” المنافسين وسيلة لكسب السلطة، يزيد متطلبات إثبات “ملائكية” الذات، وأن حصادها وفقاً للقائمة النسبية هو المعيار الأدق لقياس شعبيتها آنذاك، حيث حصلت على 29 مقعداً مقابل 35 مقعداً لفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، (28 منها ل”فتح”، وأن اكتساحها لمقاعد القوائم الفردية، بحصولها على (45 مقعداً)، مقابل، (21)، ل”فتح” يعود إلى تشتيت الأصوات الفعلية التي حصلت عليها حركة “فتح” بسبب تعدد مرشحيها، وتنافسهم الذاتي، وأن جزءاً من التصويت لها، كان نكاية بمنافسها، “فتح”، وليس قناعة بها، ما يبقي رأيه قابلاً للتغيير بناء على ملموس إدارة الفائز للشأن الوطني، داخلياً وخارجياً، ويبدو لي أن هذا هو الدرس الداخلي الأهم لحدث إحياء الذكرى 48 لانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، ذلك أن اغترار قيادة “حماس” بفوزها في تلك الانتخابات فاق كل تصور، وبلغ حدود عدم التدقيق في المخاطر، والتبعات، والتداعيات، الوطنية، التي ينطوي عليها اللجوء إلى الوسائل العسكرية سبيلاً لحسم الخلاف السياسي الداخلي، حيث أقدمت في يونيو/حزيران 2007 على السيطرة، بقوة السلاح، على قطاع غزة، وشق “السلطة الفلسطينية” إلى قسمين، بل وعلى انتهاج نظام سلطوي فج، فئوي، احتكاري، تسلطي، لم يتحمل حتى رؤية احتشاد مئات الألوف من المواطنين في نهاية العام ،2007 لإحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد الرئيس والزعيم الفلسطيني، ياسر عرفات، حيث تم الاعتداء على المهرجان، ما أدى إلى سقوط 8 شهداء، وإصابة عشرات المواطنين، وإلى اتخاذ قرار يحظر عل حركة “فتح” إحياء المناسبات الوطنية، مع ما في ذلك من تجاهل لحقيقة أن هذه الحركة، هي، وعلى الرغم من خسارتها لجولة انتخابية، ما زالت تحظى بقاعدة شعبية واسعة وعريضة .
هذا فضلاً عن أن سلطة “حماس” لم تتسع حتى لمشاركة التنظيمات المحسوبة على تيار “الإسلام السياسي”، أو التنظيمات المناهضة، مثلها، لاتفاق أوسلو، مع كل ما أفرزه ذلك من أشكال القمع للحريات العامة والفردية، وممارسات الاستدعاء، والاعتقال، ومنع السفر، والتعدي على المؤسسات، بوضع اليد عليها، أو إغلاقها، في ظل حالة مجتمعية مثقلة بسياسة الحصار والعدوان والحروب “الإسرائيلية”، وبمشكلات اجتماعية واقتصادية حادة، مثل مشكلات الكهرباء، والتعليم، والصحة، والبطالة، وانهيار شرائح اجتماعية واقتصادية مقابل صعود شرائح أخرى ترعاها، وتستفيد منها، “حماس”، سواء عبر إدارتها ل”اقتصاد الأنفاق”، أو عبر جعل الوظيفة العمومية حكراً على أعضائها، ما جعل تبعات الحصار من نصيب الجميع، كمجتمع، بينما “المغانم” من نصيب “حماس”، كتنظيم .

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024