جمهورية "كتالة"- خيري منصو
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
ما قرأناه منذ سايكس - بيكو ومروراً بجراح الجغرافيا فان دايك وليس انتهاء ببرنارد لويس كان بمنزلة عزف أولي أو مسودات لما نحن بصدده الآن، وهو تقسيم الوطن العربي إلى دويلات وطوائف بحيث يفقد النهر تياره ويتحول إلى سلسلة من السواقي التي تتلاشى في الطريق ولا مصب لها .
آخر مبتكرات جراحة الجغرافيا وتمزيق النسيج الديمغرافي هو “جمهورية كتالة”، وكلمة كتالة بالنوبية تعني المحارب، وشعار هذه الحركة الانفصالية عن مصر هو رشاش الكلاشنكوف بهذا تكون حركة تحتكم إلى السلاح في مسعاها الانفصالي . أما الأسباب فإن المعلن والمتداول إعلامياً منها يتلخص في تهميش النوبة، والاستخفاف بها . فقد أطلق على النوبيين أحد أبرز المسؤولين في مصر اسم الجالية النوبية، وقال آخر إنهم برابرة، لكن هذه الأسباب لا تكفي على الاطلاق لتبرير الانفصال، لأن معنى ذلك هو تنفيذ مخطط امبريالي قديم ومتجدد سبق أن جهر به المستشرق برنارد لويس وهو تقسيم مصر إلى دول عدة، لهذا لم يكن شطر السودان إلى شمال وجنوب سوى تمهيد آخر لترسيخ مفهوم الانفصال، لأن ما بدأ شمالاً وجنوباً قد ينتهي شرقاً وغرباً .
لقد عرف التاريخ المصري الحديث مثل هذه المحاولات الانفصالية، وذات يوم كانت هناك دعوات لنزع الاسكندرية عن سياقها الوطني لأنها هيلينية وكوزموبولتية، ووقع بعض المثقفين ومنهم أدباء وروائيون في هذا الفخ، فنظروا إلى الاسكندرية باعتبارها مكاناً محايداً، ومنزوع الهوية، تماماً كما كتب عنها لورنس داريل في روايته الشهيرة “الرباعية” .
لم يكلوا ولن يكلوا أيضاً من استخدام المشارط لتقسيم هذا الوطن مجدداً، ظناً منهم أنه كعكة رخوة يتوغل فيها السكين بلا عوائق أو مصدات .
إن مسألة الحقوق سواء تعلقت بالنوبة أو أي شريحة اجتماعية من النسيج الوطني في مصر وغيرها من الأقطار العربية أمر يقبل المناقشة والأخذ والرد، شرط ألا يكون شعار الحوار هو الكلاشنكوف الذي استقال من مهمته الوطنية والهدف الذي اقتني من أجله، وكأن هذا التزامن الدراماتيكي بين تغيير وجهة الرشاش وفوهته وبين موت العجوز الروسي كلاشنكوف له دلالات عدة قابلة للتأمل والتأويل .
وسبق للاحتلال البريطاني لمصر منذ عام 1882 أن حاول تنفيذ طلاق وطني بين مكونات أصيلة للمجتمع، فعزف على وتر الأقباط لكنه فوجئ في ثورة عام 1919 وما بعدها بوحدة وطنية آخت بين الصليب والهلال والمسجد والكنيسة .
لكن ما لم ينجح من قبل، يعاد اختراع أدوات جديدة له كي ينجح الآن، فالظروف مواتية، سواء من حيث وجود حالات احتكار واستحواذ أو من حيث تفريخ هويات فرعية تقضم الهوية الأم من جذورها .
إن لمصر جمهورية واحدة، بأقباطها ونوبييها ومسلميها، وصفة “كتالة” تليق بالمحارب المصري ضد أعدائه وليس ضد توأمه وشريك شقائه ومصيره .
shما قرأناه منذ سايكس - بيكو ومروراً بجراح الجغرافيا فان دايك وليس انتهاء ببرنارد لويس كان بمنزلة عزف أولي أو مسودات لما نحن بصدده الآن، وهو تقسيم الوطن العربي إلى دويلات وطوائف بحيث يفقد النهر تياره ويتحول إلى سلسلة من السواقي التي تتلاشى في الطريق ولا مصب لها .
آخر مبتكرات جراحة الجغرافيا وتمزيق النسيج الديمغرافي هو “جمهورية كتالة”، وكلمة كتالة بالنوبية تعني المحارب، وشعار هذه الحركة الانفصالية عن مصر هو رشاش الكلاشنكوف بهذا تكون حركة تحتكم إلى السلاح في مسعاها الانفصالي . أما الأسباب فإن المعلن والمتداول إعلامياً منها يتلخص في تهميش النوبة، والاستخفاف بها . فقد أطلق على النوبيين أحد أبرز المسؤولين في مصر اسم الجالية النوبية، وقال آخر إنهم برابرة، لكن هذه الأسباب لا تكفي على الاطلاق لتبرير الانفصال، لأن معنى ذلك هو تنفيذ مخطط امبريالي قديم ومتجدد سبق أن جهر به المستشرق برنارد لويس وهو تقسيم مصر إلى دول عدة، لهذا لم يكن شطر السودان إلى شمال وجنوب سوى تمهيد آخر لترسيخ مفهوم الانفصال، لأن ما بدأ شمالاً وجنوباً قد ينتهي شرقاً وغرباً .
لقد عرف التاريخ المصري الحديث مثل هذه المحاولات الانفصالية، وذات يوم كانت هناك دعوات لنزع الاسكندرية عن سياقها الوطني لأنها هيلينية وكوزموبولتية، ووقع بعض المثقفين ومنهم أدباء وروائيون في هذا الفخ، فنظروا إلى الاسكندرية باعتبارها مكاناً محايداً، ومنزوع الهوية، تماماً كما كتب عنها لورنس داريل في روايته الشهيرة “الرباعية” .
لم يكلوا ولن يكلوا أيضاً من استخدام المشارط لتقسيم هذا الوطن مجدداً، ظناً منهم أنه كعكة رخوة يتوغل فيها السكين بلا عوائق أو مصدات .
إن مسألة الحقوق سواء تعلقت بالنوبة أو أي شريحة اجتماعية من النسيج الوطني في مصر وغيرها من الأقطار العربية أمر يقبل المناقشة والأخذ والرد، شرط ألا يكون شعار الحوار هو الكلاشنكوف الذي استقال من مهمته الوطنية والهدف الذي اقتني من أجله، وكأن هذا التزامن الدراماتيكي بين تغيير وجهة الرشاش وفوهته وبين موت العجوز الروسي كلاشنكوف له دلالات عدة قابلة للتأمل والتأويل .
وسبق للاحتلال البريطاني لمصر منذ عام 1882 أن حاول تنفيذ طلاق وطني بين مكونات أصيلة للمجتمع، فعزف على وتر الأقباط لكنه فوجئ في ثورة عام 1919 وما بعدها بوحدة وطنية آخت بين الصليب والهلال والمسجد والكنيسة .
لكن ما لم ينجح من قبل، يعاد اختراع أدوات جديدة له كي ينجح الآن، فالظروف مواتية، سواء من حيث وجود حالات احتكار واستحواذ أو من حيث تفريخ هويات فرعية تقضم الهوية الأم من جذورها .
إن لمصر جمهورية واحدة، بأقباطها ونوبييها ومسلميها، وصفة “كتالة” تليق بالمحارب المصري ضد أعدائه وليس ضد توأمه وشريك شقائه ومصيره .