ونحن أيضاً لدينا حلم!- د. صبري صيدم
وأخيرا عاد أوباما إلى البيت الأبيض في يوم أحيت فيه واشنطن ذكرى الراحل مارتن لوثر كينج والذي حمل هم الزنوج في أميركا وقاتل من أجل حرية أبناء عرقه وحرية أمة بأسرها افترستها العبودية ومفاهيم الرق والعنصرية.
اليوم تنافس الرجلان الزنجيان على عرش الزمن واللحظة فسجلا خطوات فارقة في حياة البشرية وخطوات فارقة في مسيرة الإعلام لدرجة أننا اعتقدنا للحظة بأن الرجل الذي يقف اليوم مشرعا يمينه إنما هو مارتن ذاته وليس أوباما خاصة عندما تحدث الرئيس العائد عن قيم الحياة والحرية والكرامة والانعتاق.
خمسة عقود انتظرها الشعب الأميركي لتحقيق رؤية مارتن لوثر كينج وستة عقود انتظرها العالم ليرى رجلا أسود في البيت الأبيض يحدثنا عن الخلاص، وستة عقود ويزيد انتظرنا أيضا نحن الفلسطينيون الخلاص من المحتل الغاصب.
رجل في واشنطن يتحدث عن أبسط مقومات البشرية والحرية والديمقراطية وامبراطور مغرور في تل أبيب يقتل بعنجهيته كل تلك المقومات مستميتا في الذود عن حياض مملكته وعرشه. رجل في واشنطن يقول وننتظره أن يفعل، ورجل في تل أبيب يقول ويفعل ما يعارض به رؤية البشرية. سواعد تقتلع جدار الفصل العنصري ورجل يبني جداره الغاشم، حناجر تصدح للحرية ورجل مصر على احتلاله بل يعد ناخبيه بأن لا دولة للفلسطينين ولا رحيل للمستوطنات والمستوطنين!
لقد أصغيت بإسهاب المتأمل لما قاله أوباما مجددا الأمل في أن يستل الرئيس العائد سيف الحرية الذي أتحفنا بإشهاره في القاهرة فغاب السيف وأفلت شمس الوعود، ليعود اليوم ليحدثنا من جديد عن رغباته وأحلامه فينتعش الأمل من جديد بأن السيف ربما يعود إلى الظهور والامتشاق.
وفي خضم الأحلام التي قال الأصدقاء على صفحتي على الفيسبوك بأن لا مكان لها من الدقة بعودة فاعلة لأوباما سألتني صحفية على الهواء وبعد الخطاب: وماذا يريد الفلسطينيون من أوباما؟ فوجدتني أقول: أننا نريده أن يحقق حلم مارتن لوثر كينج في فلسطين لأننا أيضاً نمتلك حلما كبيرا بإنهاء الاحتلال.
فهل تشكل تصريحات أوباما الأخيرة بخصوص إسرائيل والسقوط الذريع لسوزان رايس في استماتتها لاحتلال موقع وزير الخارجية الأميركي وفوز جون كيري بالموقع وفوز السياسي المحنك تشك هيجل بموقع وزير الدفاع رغم حرب اللوبي الصهيوني ضده، مرحلة جديدة ينفض أوباما فيها الغبار عن سياسته الخارجية ويشمر عن ذراعيه ويهبط إلى الميدان ليحقق رؤية الفلسطينيين بالخلاص والحرية؟
الحرية ذاتها هي تلك التي أوردها أوباما في خطابه. فقد أزفت ساعة وداع البيت الأبيض للاحتلال على أرضية قرارات الشرعية الدولية ليس لأنها رغبة الشعب الفلسطيني فحسب بل لأنها اليوم رغبة العالم بأسره ومعه 138 دولة قالت ضمنا ومجتمعة في الأمم المتحدة: فليسقط الاحتلال.
اليوم ليس لأوباما صاحب المقولة الأخيرة بأن حكومة الاحتلال لا تعرف مصلحة إسرائيل أية حجة للتقاعس.. فالحرية ليست حكرا على أميركا والخلاص من العنصرية والاستعباد لا يعرف الحدود.. فإما أن نرى مارتن لوثر كينج جديدا أو ... لا تعليق!
s.saidam@gmail.com