محاولة فهم- محمود ابو الهيجاء
لا استطيع ان افهم كيف تصح عملية رجم الشرطة عندنا بالحجارة في احتجاج هو في الأساس ضد سياسات الاحتلال التعسفية التي يواصلها ضد الأسرى من أبناء شعبنا في سجونه ومعتقلاته القمعية، الضحية هنا وكأنها تواجه نفسها، بينما الاحتلال المسؤول عن معاناتها والمسبب لعذاباتها، والمعتقل لأبنائها، يتمترس هناك خلف حواجزه العسكرية، ومن المؤكد انه يراقب المشهد ويطمح الى تعميق تفاصيله العنيفة!.
لا أريد بهذا السؤال ان يكون ملغما باحتمالات الدسيسة، لكن لا بد من طرحه لنبحث عن إجابته الصحيحة فنعرف السبب لمعالجته، وأظن الامر يتعلق بداية بطبيعة العلاقة القائمة بين السلطة والناس التي هي في كل مكان تقريبا، علاقة توتر وتشكيك، بل وعلاقة صراع ما لم يكن العقد الاجتماعي راسخا بقيمه وتقاليده ومؤسساته بنتاجاتها المادية والثقافية، والأهم بمنظوماتها الخاصة بالأمن والأمان، وعلاقة الصراع هنا هي علاقة غياب الثقة، الغياب الذي يتعمق اكثر واكثر كلما كان خطاب السلطة، متعاليا على الشأن الاجتماعي، ونعني بالخطاب هنا مجمل فعاليات السلطة وسياساتها في هذا السياق .
بكلمات اخرى ثمة غياب للود ان صح التعبير بين الحكومة والناس، ما يجعل الشرطة غالبا موضع استفزاز، والمسؤولية بالقطع تقع هنا على عاتق الحكومة التي عليها ان تبحث باستمرار عن اللغة المناسبة التي تقربها من جمهورها، وهذا يعني ان الاعلام الرسمي معني بالبحث عن هذه اللغة وتفعيلها، ولطالما ظل تشكيل الرأي العام على نحو فاعل، منوطا بالمصداقية والشفافية والديمقراطية بطبيعة الحال.
اقول أخيرا ان غياب العلاقة الصحيحة بين السلطة والناس، لن يقود الى غير ان يعبر الغضب عن نفسه ضد اي موضوع كان، بطريقة عنيفة، وما من أجندات اخرى تقف خلف ما جرى على بوابة مخيم الامعري غير ان العلاقة التي تحدثنا عنها هنا ليست سليمة حتى الآن.