خربوش الأغوار- رولا سرحان
على جدرانه لم يرسم الأطفال، فليس للـ" خربوش" جدران. لم تُعلّق امرأةٌ ثوبَ زفافها خلف الباب، فليس للـ "خربوش" باب. فعلُ الحبّ مباحٌ للقمر والحطبِ ونبتِ البرية، لأن الـ "خربوش" مليء بالعيون على شكل ثقوب.
الخربوش خيمةُ أهل الأغوار المشوهة، أرضُها طين وسقفها شادر.
بأقل من معالم الحياة هم على قيد الحياة، متناثرين كما البداهةُ تصبُّ ريحها في المكان. كذلك هم بدو الأغوار، هم ممنوعون منعاً كاملاً من الاتصال بمظاهر الحضارة بأدنى مستوياتها.
قبل أسبوعين تقريباً نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقريراً أشارت فيه إلى أن دائرة الاستيطان في "الهستدروت"، وهي الهيئة المخولة بإدارة ما يسمى "أراضي الدولة"، قد قررت مضاعفة مساحة الأراضي التي يزرعها المستوطنون في منطقة الأغوار، ما يعني تسريب عشرات آلاف الدونمات إلى المستوطنين.
وأشار التقرير أيضاً إلى وجود 21 مستوطنة في منطقة الأغوار تعتمد على الزراعة، وأن حجم الناتج الزراعي في الأغوار تقريباً 115 مليون دولار أمريكي سنوياً.
وأشار التقرير أيضاً إلى وجود مخططات للاستيلاء على 43 ألف دونم أخرى لتحويلها لأراضٍ زراعية لأنها بحسب زعم الصحيفة أراضٍ خالية من السكان المحليين.
هذه معلومات صحفية، فماذا عن المخططات الاستراتيجية للإسرائيليين للسيطرة على الأغوار والتي لا يتم نشرها، وماذا عن المخططات الفلسطينية لإعادة السيطرة على هذه المنطقة الحيوية، والاستفادة منها اقتصادياً.
إذ أعتقد أنه أصبح من الضروري أن تكون منطقة الأغوار على سلم أولوياتنا، خاصة ونحن نتحدث في هذه المرحلة عن الدولة، والأغوار هي البوابة الحدودية لهذه الدولة.
فلمَ لا يتم مثلاً تأسيس سلطة خاصة بمنطقة الأغوار يُطلق عليها "سلطة تطوير الأغوار" كما هو شأن "سلطة المياه" أو "سلطة الطاقة".
ولماذا لا نؤسس لتواجد بناء على فرض أمر واقع في تلك المناطق، خاصة وأن هنالك العديد من السكان الذين لديهم "طابو" ملكية الأراضي، وهنالك بعض الأراضي التابعة لجهات دينية يمكنها التعاون معنا من أجل الحفاظ على أغوارنا، فيتخلص أهلها من خرابيشهم.