إنتبهوا لعراقيل "حماس"- عادل عبد الرحمن
مع ان خطوات جدية بدأت تخطو نحو المصالحة الوطنية، حيث سمحت حركة "حماس" للجنة الانتخابات المركزية بالعودة لمباشرة عملها لاستكمال تسجيل الناخبين الجدد في محافظات الجنوب ما بين التاسع والعاشر من الشهر الحالي؛ ولجنة الاطار القيادي لمنظمة التحرير ستعقد اجتماعها يوم الثامن من فبراير الحالي في القاهرة ، إن سمحت الظروف المصرية لها بذلك؛ ثم ستتلو ذلك خطوات اخرى اكثر ملموسية لتكريس المصالحة الوطنية، وطي صفحة الانقلاب.
غير ان المتابع لما يجري في محافظات الجنوب (غزة) من إعتقالات واستدعاءات لكوادر حركة فتح، واطلاق التصريحات المعادية للمصالحة ، وآخرها تصريح صلاح البردويل ضد الاجهزة الامنية والتشكيك في دورها ومكانتها في حماية الوطن والمواطن من عبث العابثين، ومخططات المحتلين الاسرائيليين، بالاضافة لخطوة خطيرة جديدة اكثر سفورا في رفض المصالحة الوطنية، والتي تتمثل في طرد الموظفين، الذين يقفون على رأس عملهم في المؤسسات الوطنية والجمعيات الاهلية العاملة في القطاع، ليس لسبب إلآ لانهم يتقاضون راتبهم من وزارة المالية!؟
هذه وغيرها من الانتهاكات، التي نفذتها، وتنفذها قيادة الانقلاب في محافظات الجنوب (قطاع غزة) ليس لها سوى هدف واحد ووحيد ، هو قطع الطريق على عربة المصالحة الوطنية، ووضع الالغام امام كل خطوة تتقدمها عملية إستعادة الوحدة الوطنية.
لان اللحظة، التي تتخذ فيها مثل هذه الخطوات، ليست معزولة عما يجري داخل الساحة الفلسطينية، ولا هي معزولة عما يجري في دول الاقليم وخاصة جمهورية مصر، ولا هي بعيدة عما نشر في الاونة الاخيرة من صور مشوهة للعلم الفلسطيني، الذي يطمع جماعة الانقلاب في محافظات غزة، بأن يكون لهم إمارة مستقلة على حساب المصلحة الوطنية العليا.
ولا يمكن تفسير الخطوات والانتهاكات الاقصائية، والتفرد والتصريحات المعادية لشخص الرئيس ابو مازن والاجهزة الامنية بعيدا عن الغايات والاهداف المعروفة والمعلنة سابقا وراهنا لقيادات الانقلاب المتنفذين الداعية لتأبيد الامارة الحمساوية في القطاع. وهذا لا يتناقض مع وجود فئات وشرائح وقيادات داخل حركة حماس، عملت، وتعمل لدفع عربة المصالحة، بغض النظر عن خلفياتها الشخصية او الفئوية الاخوانية.
لكن الفريق المتنفذ في محافظات غزة، الذي يملك حق النقض (الفيتو) داخل حركة حماس، لا يريد مصالحة، لانه متضرر منها، ويعتبرها تهديدا مباشرا لشخوصه ونفوذهم وامتيازاتهم، فضلا عن الحسابات الفئوية. الامر الذي يجعل رموزه من خلال مواقع القرار، التي يتمتعون بها في محافظات الجنوب بالعمل بكل ما اوتوا من قوة لضرب اي خطوة ايجابية تدفع عربة المصالحة للامام.
لكن يمكن للمرء، ان يؤكد ان المشكلة ليست فقط في هذا الفريق، بل في اولا في الفريق الايجابي داخل حركة حماس، الذي مازال حتى اللحظة رهين سياسة الزهار ومروان عيسى والبردويل وغيرهم من اعداء المصالحة. والذي مطلوب منه ان ينتفض على خيار الامارة، والعمل على تشكيل قوة ضغط حقيقيقة من تيار المصالحة من الداخل والخارج، لاسيما وان رئيس الحركة خالد مشعل، اعلن علنا وسرا، انه مع خيار المصالحة، لالزام الفريق المعادي بالالتزام بعدم تعطيل الخطوات الايجابية؛ وثانيا الشعب الفلسطيني، الذي خرج في مليونية حقيقية في الرابع من يناير الماضي، والذي عمليا طوى صفحة الانقلاب، عليه ان يعود للخروج لفرض المصالحة الوطنية، لانها خياره؛ وثالثا مطلوب من حركة فتح الارتقاء بدورها ومكانتها لقيادة سفينة الوحدة من غزة، بعد الخروج من نفق الازمة التي مازالت تعشش داخل البنية التنظيمية القائمة؛ ورابعا على اطراف الحركة الوطنية وخاصة قوى اليسار والتيار القومي وبالتعاون مع الجهاد الاسلامي ، العمل على الضغط الحقيقي على قيادة الانقلاب في غزة لالزامها بالمصالحة، وعلى اي فريق في الساحة، وعدم انتظار هذا الفريثق او ذاك ليأتِ برضاه؛ وخامسا على الاطار القيادي لمنظمة التحرير، الذي سيجتمع في الثامن من فبراير الحالي في القاهرة إتخاذ خطوات جدية لفرض المصالحة، ودعوة الراعي المصري على تحديد الطرف المعادي والمعطل للمصالحة الوطنية، ليكون ذلك خطوة ضاغطة على اولئك التصفويين للوطنية الفلسطينية.
العامل المقرر لردم هوة الانقلاب الحمساوي في يد القيادة الوطنية، التي عليها مسؤوليات للارتقاء للفعل الشعبي الذي تحقق في الرابع من يناير / كانون الثاني الماضي، وبيدها خيارات متعددة لفرض المصالحة، واي تلكؤ في تحقيق تلك الخطوة لا يعفيها من المسؤولية.
a.a.alrhman@gmail.com