"حماس" بودي غارد مرسي!- عادل عبد الرحمن
لن يتسلح المرء بما قامت به حركة حماس من إنقلاب اسود على الشرعية الوطنية اواسط عام 2007، ولا الاشارة من قريب او بعيد لعملية التخريب المتعمدة للمصالحة الوطنية، ولا لتصريحات الدكتور الزهار او موسى ابو مرزوق وغيرهم من قادة او ناطقين اعلاميين لحركة الانقلاب الحمساوية عن إلقاء التهم جزافا للرئيس ابو مازن، و "تحميله" مسؤولية فشل المصالحة، ولي عنق الحقيقة وشواهدها الدامغة على الدور التخريبي للمتنفذين في الانقلاب بتعطيل المصالحة الوطنية؛ او استعداد الزهار لقطع يده إن تمت المصالحة! ولن يورد اي انتهاكات مريعة لحقوق الانسان في محافظات الجنوب الفلسطيني من خلال تكميم الافواه، وضرب ركائز حرية التعبير والرأي والتنظيم والتظاهر والاعتقال السياسي وحرمان المرأة من ابسط الحقوق ... إلخ عندما يناقش الوثيقة القطرية، التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من المواقع والمنابر الاعلامية الصحفية او القنوات الفضائية المصرية والعربية، واعلن فيها علي بن فهد الشهواتي الهاجري ، مساعد الوزير للشؤون الخارجية، ان دولتة (قطر) قامت بتحويل مبلغ (250) مئتين وخمسين مليون دولار اميركي لحركة حماس بالشيك رقم (060622496)بتاريخ 27 يناير 2013 باسم السيد / خالد عبد الرحيم مشعل، لقاء ان تقوم "حماس" بارسال مجموعات ميليشياتها الخاصة لحماية الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي الاخواني.
الوثيقة القطرية، لم تنفها قطر، ولم ينفها الرئيس مرسي، فقط قبل يومين تعرض لها الدكتور موسى ابو مرزوق، وسبقه بايام قليلة بعض الاعلاميين الحمساويين بالنفي، ومعتبرا تعميم الوثيقة إستهداف لحركة "حماس" من قبل الاعلام المصري والعربي!
مع ذلك، سؤال طرحه العديد من ممثلي الرأي العام المصري والعربي بما فيهم الدكتور سمير صبري، الذي رفع دعوى ضد الرئيس مرسي على قبوله قيام قطر بتأمين حماية لشخصه من قبل زعران وشبيحة "حماس"، هل الوثيقة صحيحة ام مزورة؟ ولماذا لم يسارع الرئيس الاخواني بنفيها؟ ولماذا لم تبادر قطر لتوضيح موقفها مما نشر؟ وهل جماعة الاخوان المسلمين وقطر لديهم القابلية والاستعداد لانتهاج هكذا سياسة؟ ام ان ما نشر ليس أكثر من عملية "تشهير" تستهدف التنظيم العالمي لحركة الاخوان المسلمين وفروعها الممسكة بزمام الامور في العديد من الدول العربية؟
من يعود لقراءة منهجية عمل حركة الاخوان المسلمين منذ زمن المرشد الاول حسن البنا، وصولا للمرشد الحالي الدكتور محمد بديع، الذي دعا قبل يومين الدول الاسلامية الى رفض التعددية، وبالتالي طالب بتكميم الافواه وقمع الحريات، يعتقد ان الوثيقة تنسجم انسجاما تاما مع العقلية الاخوانية – القطرية. وهي تتوافق مع طابع التنظيم الاخواني، الذي يقود بروح التعاضد بين فروع الجماعة في انحاء العالم وليس فقط في الدول العربية. وما تقوم به الحركة وفروعها في مصر وتونس والسودان واليمن وسوريا وليبيا والجزائر والخليج العربي وقبل الجميع في فلسطين من عمليات إغتيال وقتل وسحل للمناضلين المعارضين لحكمهم، ورفضهم مبدا الشراكة السياسية، وحرصهم الثابت على تأبيد حكمهم، وتشكيل قواتهم الخاصة منذ زمن البنا، التي اغتالت النقراشي باشا، والتي اغتالت بالامس شكري بلعيد ، والتي اغتالت في فلسطين عشرات ومئات المناضلين من حركة فتح وغيرها من القوى الوطنية، جميعها مؤشرات تدفع المراقب الموضوعي لتصديق الوثيقة، واعتبارها صحيحة، لاسيما وان المعنيين بها ايضا لم يرفضونها.
فضلا عن ان إمارة قطر وسياسة الشيخ حمد وفريقه الحاكم، والدور التخريبي لها في العالم العربي ودولة المختلفة، وارتباطها بسياسات الاجهزة الامنية الغربية وخاصة ال CIA والموساد الاسرائيلي، وتحالفها الوثيق مع جماعة الاخوان المسلمين، حتى امست قاعدة الارتكاز الاساسية للجماعة في العالم. هذه العوامل ايضا تدعم صحة الوثيقة.
الاهم مما تقدم، ان جماعة الاخوان في مصر اولا لا تثق بدور الحرس الجمهوري المحيط بالرئيس مرسي؛ وثانيا مجموعات تنظيم الاخوان المسلمين في مصر مازالت بحاجة للمزيد من التأهيل والخبرة،رغم انهم شرعوا بتشكيل ما يسمى ب"جيش القدس" الذراع العسكرية لجماعة الاخوان المسلمين في مصر؛ وثالثا لتفوق جماعة الاخوان في فلسطين(حماس) في عمليات القتل والاغتيال والتخريب؛ ورابعا بحكم العلاقات التنظيمية والميليشياوية (الامنية) التكاملية بين افرع مجموعات جماعة الاخوان في العالم. فإن ما ورد في الوثيقة يملك من عوامل التأكيد اكثر مما يملك من عوامل النفي.
هكذا بالاستنتاج العلمي والمنطقي، الذي يحاكي عوامل واليات عمل جماعة الاخوان المسلمين وقطر، والعلاقة الوثيقة التي تجمعهما في تحالف اسود بغيض ضد الثورات العربية وتطورها ونهوضها، فإن الوثيقة تعتبر صحيحة، وبالتالي باتت حركة حماس تلعب دور البودي غارد في المنطقة لحماية كل القتلة من قادة الاخوان، ليس فقط بحكم الروابط التنظيمية والامنية، بل مقابل المال السياسي. وامست بندقية للايجار لكل من يريد تأبيد حكمه على حساب مصالح الشعب في مصر او تونس او غيرها. وهذا يستدعي الانتباه الدقيق للدور البشع الذي تلعبه قيادة الانقلاب الاسود ليس فقط ضد الشرعية والمصالح الوطنية العليا ـ وانما ضد كل قوى التقدم والنهضة العربية وخاصة في مصر المحروسة.
a.a.alrhman@gmail.com