مصر العشة ومصر القصر- محمود ابو الهيجاء
بعد عامين من «الثورة» في مصر، ولان المشهد هناك لم يتغير كثيرا، أظن ان لسان المصريين اليوم يقول « ياحيف يا ابو زيد كانك ماغزيت « اي ان ابو زيد الثورة قد عاد خالي الوفاض من غزوته، لا بل انه يكاد يخسر اليوم شرعية الاعتراض، امام شرعية الإكراه التي يؤلفها الحكم الجديد، حكم الجماعة بالفتاوى من كل لون ونوع..!!
سيتقهقر ابو زيد الثورة كثيرا امام هذا الوضع المربك، ومن ذلك ان اعداد المتظاهرين في «جمع» الاعتراض بات يقل شيئا فشيئا، وهذا امر لا يجب النظر اليه بانه غير مؤثر او انه لا يحمل تلك الدلالات الخطيرة كما تقول ذلك قوى المعارضة المصرية. اقول كلما قل عدد المتظاهرين في الشوارع امكن لشرعية الاكراه ان تتخلص من خطاباتها العنيفة وان تصبح يوما بعد يوم شرعية مقبولة حتى وان لم تكن مفهومة تماما، وتصبح مصر القصر بكل ما في هذه العبارة من ذلك المعنى الذي غناه الشاعر، الحاضرة في المشهد على كل صعيد، فيما ستعود مصر «العشة « الى معاناتها وشكواها ومكابداتها كما جاء في الاغنية ذاتها، وبذاك المكان الضيق الذي لا يسمح بتلك الحركة القادرة على التغيير، إلا طبعا بعد مرور زمن الضرورة ان صح التعبير لتكتمل الشروط الموضوعية مرة اخرى ويحدث التحول النوعي.
اعني اخيرا لا ينبغي لقوى المعارضة المصرية ان تسمح لشرعية الاكراه بالتمدد والتثبت على ارض الواقع، لا لكي لا تخسر شرعية الاعتراض فحسب بل ومن اجل ان تكرس هذه الشرعية منعا للعنف وحقنا للدم ولكي تصعد مصر العشة ثانية منصة الحضور والفعل، من اجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية.