الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

الاسير سامر العيساوي... عندما يعانق الموت الحياة- عيسى قراقع*


جسد يتبخر منذ ثمانية شهور كغيمة زرقاء تجفف السحاب، ليكون مطر وحضور ملكي في غيمة وأرض ورغبة جامحة في الحياة.
سامر العيساوي يكسر عزلة الكون، ويوجع الغائبين والصامتين والجلادين والأمم الكبيرة والصغيرة وصفحات الصحف، عندما ينهض من تابوته حيا، ويرتشف الماء من ساحل كتفيه أو من بخار عينيه، ويبتسم في أعاليه للقدس وطور سنين.
جسد، أرض حكاية ومسيرة وآلاف الفرسان المحشورين في سجون رمادية بلا سماء ولا رحمة، يجيدون البقاء طويلا، حتى يدرك السجان أن أعمارهم هي الأطول، وأن الزمن يفهم الفرق بين الضحية والجلاد عندما ينظر الجميع في مرايا الوقت.
سامر العيساوي يعبث بالجيش الذي لا يقهر، يفرك ساقيه بالحديد ويسرع في حبه إلى آخر الأغنية، مقتنعا انه يستطيع تغيير فصول النهاية، أمامه يبقى أمامه، وخلفه يبقى خلفه، هو يستمع إلى الغد، وهم يستمعون إلى وجعه القادم.
الإضراب الأول في التاريخ الإنساني، التمرد السلمي على القضبان والقوانين  والإذلال، هي قناعة أن في الصحراء نبع، وهي قناعة أن أبناء الإرادة يستطيعون أن ينتصروا ويضحكوا في مهب الغياب، أحلامهم في قلوبهم، وواقعهم في إيمانهم، ولن يخسروا سوى قليلا من العظم واللحم، وقمرا تأخر في منتصف الليل.
هناك بين الرطوبة والمرض والوجع يشتبك سامر العيساوي وزملائه المضربين جعفر عز الدين وطارق قعدان وأيمن الشراونة مع مفهوم السجن الإسرائيلي، يسقطون المعنى الاحتلالي، ويخرجون من قمصانهم وأغلالهم بشرا لامعين، لهم هوية ومكان ميلاد وأمنيات على سطح بيت قديم، وفي صفحات الكتاب المقدس لهم لون الزيتون ورائحة البحر المتوسط.
صمتا صمتا أيتها الأمم المتحدة، صمتا صمتا أيها المجتمع الدولي، تذوب نصوص المواثيق الدولية الإنسانية، أمامكم دولة فوق القانون، وأمامكم دولة الجدار والمستوطنات والمعسكرات، ولكن سامر يملك كل الجاذبية والكلام، يحرس الأبدية نيابة عنكم، وصوته العالمي يعوض الخسارة في الروح الإنسانية.
ينام طويلا جائعا فاقد الدفء والحرارة، جسد بارد، عينان ضائعتان، يدان مخدرتان، طبيب فوق رأسه ينتظر الشهقة الأخيرة فيطول الانتظار، لا ينظر إلى الأسفل، يستفز الطبيب وهيئة أركان الموت، يمد يدا إلى أمه العجوز وأخرى إلى شقيقه الأسير، وما بينهما يعلن للعالمين انه لا سقف للريح.
وجها لوجه: أسرى وسجانين، لا مستوطنة في الطريق، ولا سورا عازلا، مفاوضات بعيون حمراء، مفاوضات ساخنة بين الحاضر والماضي، بين
الحاضر والغد، بين لغتان وحلمان وتعدد في الأسماء والخيال، مفاوضات بين القاتل والقتيل علنا، ينهض القتيل الآن، ويكون هنا وليس هناك، يحمل بلاده أينما ذهب، كأن الروح هي بنت إشارة وإرادة.
سامر العيساوي، يقفز عن الأرقام التقليدية، لا يحب الجوع، يعشق الحياة بكل ما فيها، ويسعى إليها بكل ما يستطيع جسده إلى ذلك سبيلا ، لا يريد أسطورة، ولا جنازة، لا يريد أن يكون رمزا، هو إنسان عادي يفتش عن مساحة في جسده لا يشعر فيها بالألم.
*وزير شؤون الأسرى والمحررين

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025