الأحمد والانقسام والدبلوماسية - موفق مطر
«انطلقنا ونتقدم لكن الذين يشيعون اجواء التشاؤم والاحباط،هم تجار الحروب والأنفاق، فهؤلاء مرعوبون من انهاء الانقسام»!!
هذه احدى سمات اللغة الواضحة والمباشرة التي تحدث بها عزام الأحمد عضو مركزية فتح مسؤول ملف المصالحة للصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء والفضائيات ورؤساء تحرير صحف وكتاب اعمدة ورأي في مؤتمر صحفي نظمته مفوضية الاعلام والثقافة لتوضيح ما حصل في اجتماعات القاهرة ولازالة «غباشة» عن عيون المواطن العادي عمل المرتزقون من الانقسام على تكويمها لمنع المواطن من تبصر الحقائق والمواقف.. فهؤلاء الذين يتنفسون الانقسام، ربطوا مصائرهم ومصالحهم الشخصية والفئوية برغبات دول وقوى اقليمية بات تعارضها مع المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني مكشوفا، حتى باتوا أدوات قذرة، لانعاش الانقسام كلما لاحت في الأفق تباشير موته، وامكانية انبعاث الوعي واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية.
قد أكون محقا اذا قلت أني لم اسمع الأحمد في يوم ما يتحدث في أي مجلس الا متحررا من مسطرة البروتوكول الدبلوماسي، فالرجل رغم احترافه العمل النضالي السياسي منذ عقود في صفوف حركة التحرر الوطنية الفلسطينية الا انه حافظ على مبدأ الانحياز للمواطن المناضل الصادق، الواقعي، فلا تأخذه أوهام العلاقات العامة او الشخصية بقدر ما يأخذ محاوريه الى جادة الصواب حيث المصلحة الوطنية للجميع، وهذا ما سمعه عشرات الزملاء عندما وجدوا انفسهم أمام شخص يتحمل مسؤولية «ملف المصالحة» الذي نعلم كلنا أن مصير القضية الفلسطينية والمشروع الوطني متوقف على حل اشكالياته وتشابكاته وتدخلات القوى المؤثرة في زيادة تعقيداته، فملف انهاء ( الانقسام ) واستعادة الوحدة الوطنية لايحتاج لدبلوماسيين بقدر ما يحتاج لرجال مناضلين مخلصين يشخصون الواقع بأمانة، لايغررون بالشعب، ولايرمونه بازهار آمال ووعود صناعية مزيفة، تحتاج عملية استعادة الوحدة الوطنية الى شخصيات قيادية تجمع بين الحكمة، ودقة الجراح، وجرأة «الداية» – أي القابلة - التي يكون مصير روحين بين يديها في لحظة واحدة، والقول الحق، والعلم في الاختصاص.
استخلصنا ونحن بكامل جوارحنا في حالة تأهب واصغاء للأحمد، ان معظم اسباب تراكم مشاكلنا الوطنية هي أن بعض قيادات العمل الوطني وما يسمى الاسلامي تخلط الحابل بالنابل، لا تستطيع التفريق بين مسؤوليات ومهام الأطر القيادية في منظمة التحرير والسلطة، فبعضهم – كما كشف الأحمد –لم يفرق بين اجتماعات تفعيل منظمة التحرير واجتماعات المصالحة، ولم يفرق بين مهام قادة الفصائل واللجنة التنفيذية، فحصلت «الشربكة» التي ادت الى حالة الضبابية التي نتجت عن اجتماعات القاهرة... زاد عليها عواصف احباط ويأس بثها «تجار الحروب والأنفاق» المنتفعون من الانقسام عبر وسائلهم الاعلامية المضللة... حتى أن قائدا متسرعا قد ذهب الى وضع العربة أمام الحصان وتحدث للاعلام عن لجنة انتخابات للمجلس الوطني، رغم ان القانون الذي على اساسه ستتم انتخابات الوطني لم يقر بعد وانما تم رفعه من اللجنة القانونية للمجلس الوطني الى اللجنة التنفيذية باعتبارها صاحبة الاختصاص، ولا علاقة مباشرة لقيادات الفصائل بهذا الأمر.. فهل يعقل أن يكون مصير الشعب الفلسطيني بيد قيادات تسعى للمناكفة وابراز الذات على حساب القضية ومصالح الناس في وسائل الاعلام المفتوحة المرحبة جدا جدا بمثل هذه « الحكايات المشبوهة»؟!!
فصراحة الأحمد كانت بمثابة «لايت سبوت» ضوء مركز أتاح لنا فهم عقلية بعض القيادات الفلسطينية وكيفية طرح القضايا المصيرية، فاستنتجنا فارقا كبيرا بين اوردة وعروق القادة المنتفخة اثناء الخطابات النارية والمداخلات الفضائية، وبين واقع مر يدمي قلوبنا على مواطنين صدقوا هؤلاء واعتبروهم نموذجا!!.
فمن يقرأ الخبر الموسع لوقائع المؤتمر الصحفي للأحمد - غير المقتضب – ويشاهد الشريط على موقع مفوضية الاعلام والثقافة حيث نظم الموئمر، سيدرك ان استنتاجاتنا حق.