الأحمد يلتقي القنصل العام البريطاني لدى فلسطين    "هيئة الأسرى": الأسير فادي أبو عطية تعرض لتعذيب وحشي أثناء اعتقاله    سلسلة غارات للاحتلال تستهدف مناطق متفرقة في لبنان    رام الله: قوى الأمن تحبط محاولة سطو مسلح على محل صرافة وتقبض على 4 متهمين    أبو الغيط: جميع الأطروحات التي تسعى للالتفاف على حل الدولتين أو ظلم الشعب الفلسطيني ستطيل أمد الصراع وتعمق الكراهية    قوات الاحتلال تغلق حاجز الكونتينر شمال شرق بيت لحم    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم جنين لليوم الـ34    لليوم الـ28: الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها    الاحتلال يقتحم قباطية ويجرف شوارع ويدمر البنية التحتية    الطقس: فرصة ضعيفة لسقوط الامطار وزخات خفيفة من الثلج على المرتفعات    الاحتلال يؤجل الافراج عن الدفعة السابعة من المعتقلين ضمن اتفاق وقف إطلاق النار    شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين    الاحتلال يواصل عدوانه على طولكرم وسط اعتقالات وتدمير واسع للبنية التحتية    الرئيس يصدر قرارا بتعيين رائد أبو الحمص رئيسا لهيئة شؤون الاسرى والمحررين    معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال  

معتقل من يعبد يدخل عامه الـ23 في سجون الاحتلال

الآن

فلسطين وَعَواملُ التعْريَة- خيري منصور


قد لا يكونُ هناك فَرْق بين عوامل التعْرية في التاريخ والجغرافيا، لأن الزّمن قاسم مشترك بينهما، وقد تكون العقود الستة التي مرت بها القضية الفلسطينية مجرد جملة معترضة في التقاويم التقليدية، لكنها ليست كذلك بقياس عصرنا الذي أحرق المراحل، وأصبح التطور فيه كما التسارع المحموم يقيم وزناً للدقيقة الواحدة .
وعوامل التعرية التاريخية والسياسية التي تعرضت لها قضية طالما وُصِفَتْ قوميّاً بأنها القضية الأم والمركزية، تتلخص في ثلاث نقاط على الأقل، هي على التوالي: رِهانُ الاحتلال على أن الجيل الفلسطيني الذي حمل بلاده في الذاكرة وكان شاهد عيان على ما جرى أوشك على الانقراض . أما الجيل الثالث الذي ولد وعاش خارج فلسطين فهو يحملها في القلب فقط،أما الذاكرة فقد حُرِمَتْ منها .
والنقطة الثانية هي تعرية سياسية وقومية ودينية، بعد أن أصبحت فلسطين بحجمها الجغرافي فقط، وبخريطتها الأشبه بخنجر منحوت من الصخر بين نهر وبحر .
ونزع القضية من سياقين أساسيين هما تَعْرِيبُها وأَسْلَمَتُها أتاح لناشطين من مختلف الجنسيات والثقافات أن يملأوا الفراغ تعبيراً عن مواقف أخلاقية وأخرى ذات صلة بحقوق الإنسان .
والنقطة الثالثة في هذه التعرية هي اجتماعية وديموغرافية، فالاستيطان ليس مجرد تمدد في فراغ، بقدر ما هو طارد وخانق للسكان الأصليين، لأنه يهدف إلى استبدال المهاجرين بهم، وعدد من هاجروا من الفلسطينيين  إلى مختلف أصقاع الأراضي وخصوصاً إلى أمريكا وأستراليا وكندا خلال العقود الثلاثة الماضية يصل إلى حدود الترانسفير، لكنه حدث هذه المرة بالتقسيط وليس بالجملة .
فقد كان حصار غزة والحملات العسكرية عليها بمنزلة اختبار لهذه التعرية، أما القول إن العرب يرضون بما يرضى به الفلسطينيون ففيه استقالة قومية صريحة، فالقدس ليست مجرد مدينة فلسطينية، وكذلك المسجد الأقصى ليس مجرد بيت فلسطيني، وقبل أربعين عاماً لم يكن الاستيطان قد تمدد على هذا النحو الأخطبوطي، ولم تكن شبكة الطرق والمواصلات قد حولت قرى ومدناً إلى ثآليل تلفها الخيوط وتَعَزلها عن الدورة الدموية للبلاد، وتنامي الاستيطان بهذا الحجم هو عامل تعرية سياسي وديموغرافي . وأضاف الجدار العنصري العازل إلى هذا العامل بعداً آخر، لأنه قضم المزيد من الأراضي الزراعية وقطع أوصال فلسطين، وإذا استمر الحال على ما هو عليه فإن مدن فلسطين وقراها سوف تتحول إلى جزر متناثرة في محيط احتلالي . والزمن ليس دائماً حليف القضايا العادلة . لهذا حاولت سلطات الاحتلال كَسْبَهُ ولا نقول إنها حاولت شراءه لأن ما حققته منه كان بالمجّان وبلا أي ثمن .
وإذا أردنا اختصار استراتيجية الاحتلال التي تستثمر عوامل التعرية بالمعنى السياسي، فإن ما قاله “موروا” عن المسمار الذي يُدَق في خشبةٍ بموازاة مسمار آخر يقابله لابد أن يصل إليه ويخلعه .
وما يحدث في القدس الآن من خلخلة بنيوية لمعمارها وديموغرافيتها والأماكن المقدسة فيها هو المثال الحي، فقد أصبحت أسس الأقصى هشة وكذلك ما حولها، إذ يكفي زلزال بمقياس عادي أن يحول أهم ما في القدس إلى أطلال،  ثم ينسب هذا التدمير إلى الطبيعة وعوامل تعريتها وليس إلى التاريخ وما انتهى إليه من سطو الأسطورة على الحقيقة .

 

za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025