بشير شلش يرسم "جسد اللغة"-رشا حلوة
عكا | في معرضه التشكيلي الأول الذي يستضيفه مقهى «إليكا» الحيفاوي تحت عنوان «جسد اللغة»، يقتبس الشاعر بشير شلش مقولة الكاتبة الفرنسية نتالي ساروت: «لأنه لا شيء يحيا مطلقاً خارج اللغة»، ويترجمها من خلال لوحاته الـ 13 التي عمل عليها لسنوات عديدة. الأعمال نتاج سفر وذكريات وروائح وشهوات من أمكنة عديدة زارها الفنان، وتمتاز بقياساتها الصغيرة نسبياً (40×40)، وبإنجازها بألوان الباستيل والزيت والماء على كولاجات ورق وأكريليك، وتنفيذها في فضاءات عامة كالمقاهي والحانات.
حضور «الشاعر» في لوحاته واضح تماماً. ظهوره كتشكيلي لم يكن سهلاً له، فهو يعتبر إضافة تفصيل إبداعي آخر إلى هويته كشاعر وناشر نوعاً من المغامرة، كما قال في حديث لـ«الأخبار». ويضيف: «لكني تعاملت مع هذه الإشكالية بنفسي، فالكاتب والناشر (دار راية) والفنان التشكيلي هم الشخص نفسه. أنا أعبّر عن الأفكار ذاتها لكن بأدوات فنّية مختلفة. وحتى في الهوية البصرية للأعمال الفنّية على مستوى الحجم والتقنية، ما زال الكاتب حاضراً لأني أستخدم لغة قريبة جداً من الخطوط اليدوية والتدوينات والنصوص، وبعض اللوحات تحتوي على نصوص قصائد أعدت تحويرها واللعب فيها من حيث التداخل بين اللون». لم يكن اختيار مقهى «إليكا» مكاناً للعرض محض مصادفة. المقهى يمثل ملجأً ومقصداً للعديد من الشباب الفلسطيني في حيفا. وبالرغم من صغر مساحته، إلا أنه فضاءٌ دافئ لذكريات العديد من الرواد الذين مرّوا عليه، ويُعَدّ أيضاً منصة لتقديم الفنّ الفلسطيني من خلال العروض الموسيقية والأفلام ومعارض الفنون الشهرية. هكذا، يرى الشاعر والفنان الفلسطيني أنّ «إليكا» أكثر من مجرد مقهى: «علاقتي الشخصية والأليفة مع المكان جعلته امتداداً للبيت مع الوقت. أقضي هنا كلّ أوقات فراغي. وهنا حررّتُ أغلب العديد من إصدارات دار «راية». المعرض هو بمثابة تحية صغيرة لهذا المكان الحميمي والأليف. وأحياناً أقول للأصدقاء بشكل حقيقي وساخر إنّ ابني كرمل هو الجيل الثاني لهذا المكان، فأنا أحضره من الحضانة إلى هنا مباشرة». وبالتوازي مع باكورته التشكيلية، افتتح شلش مقر «دار راية للنشر والترجمة» في حيفا، ليعرض إصدارات الدار، ويكون متنفساً للراغبين باقتناء هذه الإصدارات من فضاء واحد وثابت. لكنّ طموح بشير شلش أن يتحول هذا المقر إلى مكان لبيع الكتب ومقهى فنّي وغاليري يعرض إنتاجات ليست بالضرورة من إنتاج الدار وحدها، على أن يكون في المستقبل مكاناً يتسع لأمسيات أدبية وحفلات تواقيع لإصدارات جديدة، يحتسي الجمهور فيها القليل من القهوة والخمر.