اي خواطر تطالبون السلطة بتهدئتها ؟!- عزت دراغمة
يبدو ان حكومة اسرائيل المنصرفة والقادمة وقادة اجهزتها الامنية والسياسية ورؤساء الاحزاب، بل والمجتمع الاسرائيلي بكل اطيافه، لا ينظرون الى الشعب الفلسطيني كشعب بشري او اناس مثلهم مثل باقي البشر، ويبدو ان الشعار الذي يدعونه من خلاله انهم " شعب الله المختار " يطبقونه بحذافيره تجاه الشعب الفلسطيني، كما يبدو ان نظرة الفوقية والتعالي والسياسة العنصرية لا تزال هي قاعدة التصرفات التي تتحكم بالعقلية الاسرائيلية الاحتلالية.
بالأمس قتلت اسرائيل اسير حرب او مدنيا فلسطينيا استقوت عليه باحتلالها وبغطرسة قوة السلاح، كما فعلت مع الالاف من ابناء الشعب الفلسطيني، وكما لا تزال تعتقل آلافا اخرى وتواصل حملات الخطف والاسر كل ساعة وكل يوم، وتدمر وتصادر وتستبيح ما على الارض وفي السماء والماء، وكأن ابناء الشعب الفلسطيني ما خلقوا الا للاستباحة وهدر دمهم والاستحواذ على مقدراتهم وارضهم لصالح من احتلوهم واستوطنوا ديارهم.
من هذه المنطلقات والعقيدة التي تجرد الغير من انسانيته وآدميته وحقوقه، وتتهم من يخالفهم باللاسامية اذا ما نبس ببنت شفة منتقدا او مستنكرا، تعامل اسرائيل بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية مع الشعب الفلسطيني، وتطالبه بالصمت وعدم الحركة او الحديث وحتى عدم الصراخ ألماً حين تقوم بذبح اي من ابنائه وكأنهم نعاج، كما جاء في فحوى الرسالة الاسرائيلية الى القيادة الفلسطينية تحت عنوان " تهدئة الخواطر "؟!
عن اي خواطر يتحدثون؟ واي تهدئة يريدون؟ هل ما يفعله المستوطنون والمتطرفون لديهم يدفع نحو تهدئة الخواطر ؟ هل ما ينفذه جيش الاحتلال في القرى والمدن والمخيمات يمهد لتهدئة الخواطر، ام هل السياسة الاسرائيلية الرسمية والشعبية تأخذ بالحسبان الخواطر الانسانية والقانونية والربانية للشعب الفلسطيني؟!
اي خواطر يطالب بها رئيس حكومة الاحتلال وهو يعمق شرخ التطرف والعداء بين صفوف شعبه للفلسطينيين؟! وماذا بعد في التهديدات " التي لا تقبل التأويل " اذا ما امتنعت السلطة عن فرض تهدئة الخواطر على ام ثكلى ام ارملة او طفل يتيم او عائلة سرق بيتها او نهبت ارضها ؟ وهل بقي في جعبة الاحتلال شي لم يستخدموه ضد الفلسطينيين حتى يواصلوا تهديداتهم ؟ ولماذا كل هذا التهديد والوعيد وهم يستبيحون كل شي بالغطرسة وبالقوة المسلحة معتقدين انهم فوق القانون والشرعية الدولية ما دامت واشنطن تسخر كل امكانياتها للتغطية وحماية آخر دولة احتلال في المعمورة؟
ظننا ان الحكومة الاسرائيلية ستذهب نحو تشكيل لجنة تحقيق محايدة، وظننا انها ستوقف عربدة المستوطنين، وانها ستتجاوب مع انسانية الدعوات والحقوق القانونية للاسرى وخاصة المرضى منهم والمضربين عن الطعام، وظننا ان عقليتهم تحتكم للمنظور البشري الانساني الرباني، ولاننا لم نر من هذا اي شيء على مدى نحو نصف قرن من الاحتلال، فاننا سنبقى منغرسين في اعماق هذه الارض نحميها ونذود عنها حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا.