جلباب حماس وطالبات الاقصى-عادل عبد الرحمن
اتيح لي اللقاء مع الدكتور كمال الشرافي، رئيس مجلس امناء جامعة الاقصى في محافظات الجنوب (غزة) وسألته عن موضوع فرض الجلباب على الطالبات في جامعة الاقصى، فرد ب"ثقة" عالجنا الموضوع ، وانتهى. لكن المتابع لما يجري في الجامعة والتقيدات، يلحظ ان الامر لم ينته ِ ومازال قائما، لا بل انه يتفاقم نتاج الاجراءات الارهابية ،التي تفرضها ميليشيات حركة حماس على الطالبات، أضف للارهاب الذي يفرضه منتسبو حركة حماس من الاساتذة والعاملين في الادارة.
وسياسة فرض الحجاب والجلباب على طالبات الجامعات الفلسطينية في غزة يعكس رؤية منهجية لقيادة الانقلاب الحمساوي في المحافظات الجنوبية، لا تقتصر على خنق الحريات الشخصية والاجتماعية ( العامة) ، وإضطهاد متعاظم للمرأة الفلسطينية؛ وتعميم ثقافة الظلام وتسييد الرجل والقهر الذكوري، وضرب روح القانون الفلسطيني، الذي كفل للمرأة حق المساواة بالرجل، انما لها ابعاد اعمق تتعلق بضرب فكرة المصالحة الوطنية، والعمل على تأبيد خيار الانقلاب الاسود.
جلباب "حماس" لا يستر اي عورة ، لا بل يفتح شهية الانقلابيين لهتك عورات الوطن والانسان الفلسطيني على حد سواء. لان الجلباب لا يحمي المرأة ولا الرجل. الذي يحمي المرأة من عبثية المجتمع الذكوري، هو الوعي، والمزيد من الوعي ، وتعميم ثقافة المساواة، وتجذير المعرفة والعلم، وترسيخ القانون المدني الفلسطيني، الذي كفل للمرأة حقوقها.
وما قيمة الجلباب إن كانت المرأة تجهل حقوقها ومكانتها في المجتمع كشريك اساسي؟ وما اهمية الجلباب إن كانت المرأة تبيع جسدها وكرامتها وانسانيتها؟ وهل الموضوع الشكلي (الجلباب) هو الاساس ام المحتوى والجوهر (الوعي بالحقوق والحريات)؟ والى متى يمكن استعباد النساء؟ واليست المرأة حارسة نيران ثورتنا والشريكة الاساسية في بناء الوطن والمستقبل؟ وهل الجلباب يعفي اي إمرأة من ممارسة الموبقات والرذيلة ؟ وهل الهدف الحمساوي يتوقف عند حدود الجلباب ام له تداعيات وطنية؟ ثم من يريد المصالحة الوطنية، هل يقوم باستباحة النظام الاساسي والقانون المدني الناظم لعلاقة الشعب بالحاكم ؟
كل الاسئلة السابقة وغيرها ترد على اي متسائل من عامة الناس والقوى السياسية والقيادة الشرعية وايضا قيادة الانقلاب الحمساوي. وتؤكد ان جلباب "حماس" ، هو استمرار لنهج التخريب المجتمعي، وممارسة المزيد من الكبت للحريات العامة والخاصة وخاصة حرية المرأة ، والانتقاص من دورها ومكانتها كشريك ومساوٍ للرجل في الحقوق والواجبات، وتعميق السياسات الظلامية في المنابر الجامعية لتشويه الوعي المجتمعي في اوساط النساء.
ما جرى ويجري في جامعة الاقصى يتطلب من القائمين على الجامعة معالجة الموقف بشكل جذري، والكف عن سياسة الترقيع والخشية من بلطجة الانقلابيين، كما على القوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني التصدي بقوة لهذه الظاهرة ليس فقط في جامعة الاقصى، بل في كل الجامعات وخاصة الجامعة الاسلامية، والمطالبة بتطبيق القانون الفلسطيني المقر من المجلس التشريعي والمصادق عليه رسميا من الرئاسة الفلسطينية، ووضع حد نهائي لبلطجة وسياسة الظلام الحمساوية. وان لم تفعل القوى السياسية والمجتمعية والاكاديمية فإن الاعظم قادم، وهو الاخطر، اي مواصلة خيار الانقلاب على الشرعية وتمزيق وحدة الارض والشعب والقضية والنظام السياسي الديمقراطي والتعددي. الكرة في مرمى الجميع قوى واتحادات ونقابات وقطاعات سياسية ومجتمعية وثقافية واكاديمية واعلامية واقتصادية، وخاصة النساء، اللواتي عليهن التشمير عن سواعدهن وقهر القهر والظلام الحمساوي، واستعادة حقوقهن وتعميقها للدفاع عن انفسهن وعن الوطن ووحدته على حد سواء.