مشانق في «اليرموك»- فؤاد ابو حجلة
تعليق الفلسطينيين على مشانق المسلمين والعرب ليس ظاهرة جديدة ولا هو اختراع جديد للمجموعة الارهابية التي تسمي نفسها «جبهة النصرة» وتقاتل ضد طاغية الشام بحماسة مفاجئة كنا نفتقدها دائما في ذروة المواجهة مع العدو الاسرائيلي. لكن الاستعراض الغبي والمستفز بشنق فلسطينيين وتعليقهما على الأشجار في مخيم اليرموك يقدم نموذجا جديدا لسفالة الحركات التي تظهر كالنبت الشيطاني في الربيع الذي بدأ عربيا ثم تأمرك.
لم نسمع بشيء اسمه «جبهة النصرة» قبل اندلاع الحرب في سوريا، ولم نقرأ عن أي نشاط لهذه الجبهة ضد الاحتلال الاسرائيلي في الجولان، ولم نعرف «مجاهدا» واحدا من «النصرة» قضى في سبيل الله على أرض فلسطين. لكننا نسمعهم ونراهم الآن وهم يعيثون في الأرض السورية قتلا وتدميرا بحجة الجهاد ضد السلطان الجائر، ونراهم وهم يقترفون جرائمهم البشعة بحق أهلنا في مخيم اليرموك الذي خضع طويلا لارهاب عصابات النظام الحاكم ومخبريه.
إرهابيو «النصرة» وغيرهم من الارهابيين الذين يستهدفون الفلسطيني في المخيم وفي خارجه، هم مجموعة من القتلة المأجورين المنخرطين في المشروع الأمريكي الساعي الى شطب الهويات الوطنية للشعوب العربية التائقة الى الحرية، والذي يركز على محاربة الهوية الوطنية الفلسطينية التي تشكل رأس الحربة للتغيير الحقيقي في المنطقة العربية بعيدا عن السياقات الأمريكية وخارج نطاق المشروع الأمريكي لتديين النظم والمجتمعات وتأسيس أرضية ملائمة لقبول اسرائيل باعتبارها دولة يهودية.
لم يكن اللجوء الى مخيم اليرموك أو غيره من المخيمات في المحيط العربي خيارا فلسطينيا ذاتيا، ولم يكن اللجوء الى تراب الآخرين هواية فلسطينية، بل كان هذا الشتات الاجباري نتيجة مباشرة لخيانات العرب والمسلمين الذين تآمروا على شعبنا وساهموا في صنع نكبته ونكسته وما زالوا منخرطين في تحالفات علنية وسرية ضد المشروع الوطني الفلسطيني.
والذين يعتقدون أنهم ذاهبون الى الجنة بقتل الفلسطينيين وتعليقهم على المشانق هم في الحقيقة أدوات تافهة وصغيرة ودمى تحركها الأصابع الأمريكية، ولا نعتقد أننا نتحمل مسؤولية هذا الضلال وهذا الغباء وهذا القبح في شوارع العرب.