إنه يطالب- فؤاد ابو حجلة
في المشهد العربي الكثير من الدم والكثير من المرارة والكثير من الدهشة، لكن ما هو أكثر وضوحا من كل ما سبق هو الاستهتار أو الاستغباء الذي تمارسه النخب الحاكمة في خطابها للجمهور.
لا أعني الخطاب السياسي للحكومات والأنظمة الحاكمة، فهو خطاب غبي تعودنا عليه خلال نصف قرن من اللاصراع واللاحياة في بلادنا تتثاءب على فراش تخلفها، لكنني أتحدث عن الأغبياء الذين يتولون أمورنا ويحكمون مسارات حياتنا في دول لم تحقق شيئا غير استثمار الثروة في ترسيخ التخلف.
في دولة عربية يدعو رئيس النظام إلى تحقيق مطالب المواطنين وتلبية احتياجاتهم، ويوجه خطابه الى الناس وليس الى مجموعة الطراطير الذين يعملون تحت قيادة فخامته. ولا يجد الزعيم حرجا في المطالبة بتمكين المواطنين من العيش بكرامة، وكأن سيادته ليس مسؤولا عن كرامة مواطنيه!
وفي دولة عربية أخرى يدعو وزير الاسكان الى توفير السكن المناسب للمواطنين، ويوجه خطابه اليهم وكأنه ليس مسؤولا في الأصل عن تحقيق هذا الهدف الذي لا يمكن تكليف وزير الزراعة بتنفيذه!
هناك تصريحات كثيرة مستفزة في هذا السياق، كأن يطالب وزير الأشغال بتحسين أوضاع الطرق والجسور، أو أن يطالب وزير التموين بتوفير الخبز والمواد الغذائية الأساسية للطبقات الفقيرة في المجتمع، أو أن يدعو وزير الكهرباء إلى صيانة شبكات الكهرباء في الدولة وكأن تلك المهمة مسؤولية ميكانيكي أو "كهربجي".
تحت عنوان "يطالب" قرأت خبرا مستفزا يؤكد أن وزير الصحة في بلد عربي يطالب برفع سوية الخدمات الصحية والعلاجية في بلاده، ولا أعرف إن كان يوجه خطابه هذا الى اتحاد كرة القدم مثلا!
مجرد نماذج من تصريحات مسؤولين عرب يتولون قطاعات حيوية ويجلسون على كراسيهم.. ليطالبوا.
كمواطن عربي أعتقد أن من حقي المطالبة بتحريم ظهور هؤلاء المعتوهين على شاشات التلفزة ومنع الصحف من نقل تصريحاتهم البلهاء.