إلا "اسرائيل اليهودية"- موفق مطر
هل سنشهد متغيرات جوهرية في المنطقة ؟ فما يحدث بخطى متسارعة يقودنا لهذا الاستنتاج, فاسرائيل تعتذر من تركيا, لأن اعادة العلاقة بينهما لازمة وضرورة لترتيب الأوضاع في سوريا بعد حكم عائلة الأسد الآيل للسقوط, فالطريق الى دمشق الجديدة يمر حتما من انقرة.
أما في بيروت فقد بعثت استقالة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي رسالة الى اللبنانيين والعرب ومن يعنيه الأمر من دول العالم ان دخول حزب الله في دائرة الصراع في سوريا الى جانب نظام الأسد ليس قرارالدولة اللبنانية, وان الحزب وهو العمود الفقري للحكومة الحالية يدفع باتجاه تفكيك قاعدة النأي بالنفس للانخراط في الصراع السوري السوري من باب الفراغ السياسي وفوضى أمنية لابد أن يشهدها لبنان لتمكين قوات الحزب من السيطرة على مراكز انطلاق استراتيجية جديدة في لبنان تمكنه من الانطلاق نحو سوريا, وقد تكون فرصة للانقضاض على القوى والجماعات السنية في صيدا بالجنوب وطرابلس في شمال لبنان, فحزب الله لايمكنه فعل ذلك وهو في الحكومة, لكنه يستطيع في ظل فراغ سياسي ووضع أمني يكرس تهديدات النظام السوري باحراق المنطقة وتغيير قواعد اللعبة فيها.
زار اوباما المنطقة, وتحدث عن أمن اسرائيل اليهودية ودولة فلسطينية ذات سيادة, وطالب الأسد بالرحيل, وتخوف من تحول سوريا الى قاعدة للارهاب، فعكس كلامه رؤية ادارته المرتبكة والمتناقضة منذ اندلاع الثورة السورية, وموقف الادارة من حركة الشعب السوري وتطلعه للحرية, كما عكس رغبة ادارته برؤية سوريا مدمرة ومفككة بفعل صراع طائفي ومذهبي قد يمتد لسنوات, لأن انتصار الثورة السورية قبل اخراج الخارطة الطائفية للصراع, وتوغل السوريين بهذا الصراع الدموي حتى الركب, يعني تغييرا استراتيجيا لوجه المنطقة وهذا مالا تريده الادارة الأميركية غير المعنية بتحولات ديمقراطية حقيقية في المنطقة بقدر اهتمامها باسقاط شعوب المنطقة في مستنقع التماسيح الطائفية والمذهبية, فالادارة الأميركية معنية بضرب التيارات والجماعات الاسلاموية ببعضها, وباشتباك دموي مزمن بين الاسلامويين الديمقراطيين والتقدميين والعلمانيين من جهة والاسلامويين بكل تياراتهم من جهة اخرى, تماما كعنايتها باسقاط الاسلام السياسي من وعي شعوب المنطقة, وخلق حالة من العدائية الشعبية مع هذا التيار قد تؤدي الى انهياره نهائيا او دفعه الى ابراز وجهه الدكتاتوري الحقيقي عندما سيسعى للتمسك بالسلطة حتى ولو باستخدام العنف الدموي. وفي كل الأحوال تبقى الصراعات خارج بحيرة النفط المؤمنة استراتيجيا, فرنسا وبريطانيا تخوضان حرب اقناع مع شركائهما الأوروبيين لتزويد الجيش الحر بسلاح نوعي.. وروسيا تطلب من بيروت السماح لسفنها الحربية بالرسو في مينائها الى أن يتم تطبيع الوضع الجديد لميناء طرطوس الذي تتخذه البحرية الروسية العسكرية قاعدة هامة جدا... وهذا مؤشر على تحول نوعي في الموقف الروسي الذي يبدو انه قد عقد صفقة ما تؤدي برفع الغطاء عن الأسد مع ضمان وجود من نوع ما على موانئ السواحل السورية في سوريا الجديدة بعد سقوط النظام.
سنشهد في الأيام القادمة مشاهد دراماتيكية, سيكون أخطرها دفع لبنان الذاهب الى اتون حرب طائفية أومذهبية جديدة تبدو قابلة للانفجار باي لحظة, فالنظامان بسوريا وايران لن يرضخا بسهولة, ولن يستسلما وهما يملكان اوراقا قوية في لبنان قادرة على احراق الأخضر واليابس.. الا اذا كانت الارادة الروسية هذه المرة أقوى, وفرضت مشيئتها، فالنظام الايراني قد يذهب بعيدا لكن ليس الى حد ضرب علاقته مع روسيا, فهذه العلاقة حاجة روسية ايرانية مشتركة لابقاء روسيا كثقل في حالة من التوازن الاستراتيجي في المنطقة.
تبدو المنطقة كمتأرجح على حافة هاوية, ستذهب ركائز الدولة في كل منها الى الانهيار, الا دولة «اسرائيل اليهودية» حسب الرؤية الأميركية الجديدة فانها ستبقى قائمة باعتبارها منارة للديمقراطية وامتدادا للعالم الحر.