سونيا غاندي وابنها راؤول_عدلي صادق
يتعلم الصحفيون والباحثون والدبلوماسيون، المتواجدون في الهند، الشيء
الكثير من السياسة في مداها الأقصى. ذلك ـ بالطبع ـ من خلال المصاعب
والسجالات والمفاجآت الصاخبة، ومنطق التعاطي مع المشكلات المحلية، ومع
الإقليم والقوى الدولية. فلا حدود لغرائب الهند ومفارقاتها، ولا لتنوع
مناخات الطقس والديانة والثقافة واللسان والأزمات فيها.
في هذه الأيام، تشخص أبصار الهنود الى التحديات التي تواجه زعامة حزب المؤتمر الذي يقود ائتلافاً "تقدمياً" يحكم البلاد. وفي الحقيقة، يبدو أن مجموع التحديات، يمثل اختباراً لزعامة الحزب أكثر من كونه اختباراً لرسوخ ورواج الحزب نفسه. فالسيدة سونيا، وهي من أصل ايطالي كما هو معلوم؛ سجلت الرقم القياسي في عدد سنوات الاضطلاع بمهام المسؤولية الحزبية الوطنية الأولى. أي أطول مدة يشغل فيها زعيم، رئاسة الحزب، منذ تأسيسة في العام 1885. فهي وابنها راؤول، نائب رئيس الحزب (43 عاماً) يواجهان عقبات وملفات شائكة، في ست انعقادات لمجالس حزبية داخلية وتمهيدية، ستُجرى خلال الشهور المقبلة، وصولاً الى المنازلة الكبرى، في الانتخابات العامة المقررة في موعدها الطبيعي في أيار (مايو) من السنة المقبلة.
السيدة سونيا، التي خاضت المعترك السياسي منذ اغتيال زوجها راجيف؛ بدت في هذه الأثناء، أشد تصميماً على أن تتواصل فصولاً، تجربة حياتها الاستثنائية، وأن تبرهن للعالم، وأمام التاريخ، على أنها واصلت درب زوجها ونجحت وحققت الكثير من أحلامه للهند ولشعبها. كانت البداية مبررة تاريخياً، أي أن تؤول زعامة حزب الحركة الوطنية الهندية الأول، لسيدة من أصل أوروبي. فلم يكن ذلك بدعة، لا عند الحزب ولا عند الهنود. فمؤسس الحزب نفسه، أليكس هيوم، كان رجلاً إنجليزياً إصلاحياً كارها للإمبريالية، وعالماً في الطيور، وبالتالي محباً للحرية. لم يترأس الرجل الحزب، لكن عدداً من الاسكتلنديين والايرلنديين، شغلوا مواقع رئاسة "المؤتمر" حتى العقد الثالث من القرن الفائت، من بينهم سيدة وناشطة إيرلندية، تُدعى آني بيسانت، Annie Besant امتزج شوقها لاستقلال ايرلندا، بشوق الهنود لاستقلال بلادهم.
* * *
عندما اغتيل راجيف غاندي، رئيس وزراء الهند، لم يكن تبقى سوى سونيا، من عائلة نهرو ـ إنديرا غاندي، لكي ينهض بمهام الزعامة، في الحلقة الزمنية، الضامنة لتواصل دور العائلة، وأداء رسالتها التي يمتزج فيها السياسي بالأسطوري بالطبقي بالتاريخي. وكان التأهل الوحيد، لهذه السيدة الصارمة قوية الشكيمة، هو كونها زوجة الراحل الأخير الكبير، من العائلة، وهي الناضجة المتوافرة وقت رحيل راجيف. تقبلت سونيا التحدي، وحملت الراية وخاضت معركتيْ انتخابات عامة وربحت!
بعدها، قالت منتشية، إنها انخرطت في السياسة، لكي تسد فراغاً في الحزب من وجود طبيعي لعائلة حضرت في حياة البلاد السياسية، منذ الاستقلال. وأعلنت أنها عوّدت نفسها على تجرع مرارات السياسة، وهي أشبه بالترسبات الصخرية، وليس أصعب من الحفر فيها. وما أن شب ابنها راؤول عن الطوق، حتى بدأ النطق السياسي، بالحديث عن دور والدته رئيسة الحزب، ودأب على حضور جلسات البرلمان، والاستماع الى مداخلات النواب حول كل شأن.
الآن، أصبح راؤول، عملياً، وباعتباره الشخص الثاني في حزبه، هو من يقود حملة "المؤتمر" الى الانتخابات العامة المقبلة. فمنذ أن أصبح نائباً لرئيسة الحزب، بدأ ومعه لفيف من الخبراء والإصلاحيين والساسة المخضرمين، ومعززاً بأطياف أبيه وجدته وجد أبيه، مع وجود أمه وتجربتها؛ في عملية مراجعة تنظيمية لبنية الحزب لطالما انتظرتها قواعده. وبدأ الشاب، يجوس هو ومن معه، أرجاء البلاد، لاختيار الأفضل والأعز شأناً في محيطه الاجتماعي والأفضل خلقاً، واستبعاد العاهات والمُسيئين، وأطلق شعار دمقرطة الحزب، التي رآها ذات أولوية، لأنها السبيل الوحيد لتقويته. وقال علناً إن ألوليته ليست أن يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة، مثلما يريد الراغبون في أن يظل الحزب في حال الترهل. فالأجيال تتدافع، والقدماء يشيخون، والزمن يتغير، والتحديات تكبر. وهذه حقائق يتعرف راؤول على حيثياتها يومياً، ويتناولها كوجبات الطعام. فالحزب المنافس قوي ومتفائل، ويستغل نقاط الضعف وسقطات محسوبين على "المؤتمر". ولا مزاح في السياسة ولا عبث ولا مجاملة، وإلا فإن المركب سيغرق. هكذا علمت الأم ابنها!
haفي هذه الأيام، تشخص أبصار الهنود الى التحديات التي تواجه زعامة حزب المؤتمر الذي يقود ائتلافاً "تقدمياً" يحكم البلاد. وفي الحقيقة، يبدو أن مجموع التحديات، يمثل اختباراً لزعامة الحزب أكثر من كونه اختباراً لرسوخ ورواج الحزب نفسه. فالسيدة سونيا، وهي من أصل ايطالي كما هو معلوم؛ سجلت الرقم القياسي في عدد سنوات الاضطلاع بمهام المسؤولية الحزبية الوطنية الأولى. أي أطول مدة يشغل فيها زعيم، رئاسة الحزب، منذ تأسيسة في العام 1885. فهي وابنها راؤول، نائب رئيس الحزب (43 عاماً) يواجهان عقبات وملفات شائكة، في ست انعقادات لمجالس حزبية داخلية وتمهيدية، ستُجرى خلال الشهور المقبلة، وصولاً الى المنازلة الكبرى، في الانتخابات العامة المقررة في موعدها الطبيعي في أيار (مايو) من السنة المقبلة.
السيدة سونيا، التي خاضت المعترك السياسي منذ اغتيال زوجها راجيف؛ بدت في هذه الأثناء، أشد تصميماً على أن تتواصل فصولاً، تجربة حياتها الاستثنائية، وأن تبرهن للعالم، وأمام التاريخ، على أنها واصلت درب زوجها ونجحت وحققت الكثير من أحلامه للهند ولشعبها. كانت البداية مبررة تاريخياً، أي أن تؤول زعامة حزب الحركة الوطنية الهندية الأول، لسيدة من أصل أوروبي. فلم يكن ذلك بدعة، لا عند الحزب ولا عند الهنود. فمؤسس الحزب نفسه، أليكس هيوم، كان رجلاً إنجليزياً إصلاحياً كارها للإمبريالية، وعالماً في الطيور، وبالتالي محباً للحرية. لم يترأس الرجل الحزب، لكن عدداً من الاسكتلنديين والايرلنديين، شغلوا مواقع رئاسة "المؤتمر" حتى العقد الثالث من القرن الفائت، من بينهم سيدة وناشطة إيرلندية، تُدعى آني بيسانت، Annie Besant امتزج شوقها لاستقلال ايرلندا، بشوق الهنود لاستقلال بلادهم.
* * *
عندما اغتيل راجيف غاندي، رئيس وزراء الهند، لم يكن تبقى سوى سونيا، من عائلة نهرو ـ إنديرا غاندي، لكي ينهض بمهام الزعامة، في الحلقة الزمنية، الضامنة لتواصل دور العائلة، وأداء رسالتها التي يمتزج فيها السياسي بالأسطوري بالطبقي بالتاريخي. وكان التأهل الوحيد، لهذه السيدة الصارمة قوية الشكيمة، هو كونها زوجة الراحل الأخير الكبير، من العائلة، وهي الناضجة المتوافرة وقت رحيل راجيف. تقبلت سونيا التحدي، وحملت الراية وخاضت معركتيْ انتخابات عامة وربحت!
بعدها، قالت منتشية، إنها انخرطت في السياسة، لكي تسد فراغاً في الحزب من وجود طبيعي لعائلة حضرت في حياة البلاد السياسية، منذ الاستقلال. وأعلنت أنها عوّدت نفسها على تجرع مرارات السياسة، وهي أشبه بالترسبات الصخرية، وليس أصعب من الحفر فيها. وما أن شب ابنها راؤول عن الطوق، حتى بدأ النطق السياسي، بالحديث عن دور والدته رئيسة الحزب، ودأب على حضور جلسات البرلمان، والاستماع الى مداخلات النواب حول كل شأن.
الآن، أصبح راؤول، عملياً، وباعتباره الشخص الثاني في حزبه، هو من يقود حملة "المؤتمر" الى الانتخابات العامة المقبلة. فمنذ أن أصبح نائباً لرئيسة الحزب، بدأ ومعه لفيف من الخبراء والإصلاحيين والساسة المخضرمين، ومعززاً بأطياف أبيه وجدته وجد أبيه، مع وجود أمه وتجربتها؛ في عملية مراجعة تنظيمية لبنية الحزب لطالما انتظرتها قواعده. وبدأ الشاب، يجوس هو ومن معه، أرجاء البلاد، لاختيار الأفضل والأعز شأناً في محيطه الاجتماعي والأفضل خلقاً، واستبعاد العاهات والمُسيئين، وأطلق شعار دمقرطة الحزب، التي رآها ذات أولوية، لأنها السبيل الوحيد لتقويته. وقال علناً إن ألوليته ليست أن يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة، مثلما يريد الراغبون في أن يظل الحزب في حال الترهل. فالأجيال تتدافع، والقدماء يشيخون، والزمن يتغير، والتحديات تكبر. وهذه حقائق يتعرف راؤول على حيثياتها يومياً، ويتناولها كوجبات الطعام. فالحزب المنافس قوي ومتفائل، ويستغل نقاط الضعف وسقطات محسوبين على "المؤتمر". ولا مزاح في السياسة ولا عبث ولا مجاملة، وإلا فإن المركب سيغرق. هكذا علمت الأم ابنها!