باسم يوسف- محمود ابو الهيجاء
حين تقف الدولة، اية دولة، ضد شخص بعينه من خارج مؤسساتها، ولايملك اي شيء من ادواتها، فهذا يعني ان هذه الدولة على حافة الانهيار، وانها بالقطع اضعف من هذا الشخص، وعلى نحو يبعث على الشفقة قبل كل شيء، الشفقة على الدولة بطبيعة الحال، وان كان الامر يتطلب موقفا من نوع اخر لا علاقة له باخلاقيات المشاعر، اتحدث عن موقف الرئاسة المصرية ضد الاعلامي المصري الاشهر في هذه الايام، باسم يوسف، مقدم برنامج «البرنامج» من فضائية السي بي سي، اذ جرجرته الى النيابة العامة بتهمة اهانة الرئيس وازدراء الاديان...!!!
هذه الجرجرة صارت حديث الصحافة والاعلام في كل مكان تقريبا، استنكارا وتنديدا وسخرية في نفس الوقت، من موقف الرئاسة المصرية، وفي تعليق لأحد الظرفاء المصريين قال إن الرئيس محمد مرسي تعمد جرجرة باسم يوسف على هذا النحو ليكتسب شهرة على الصعيد العالمي، وقد قال ذلك بعد ان شاهد الاعلامي الاميركي «جون ستيوارت» وهو يعلق في برنامجه الساخر على قرار الرئاسة المصرية ضبط واحضار باسم يوسف للتحقيق معه في التهمة التي نسبها اليه هذا القرار، وفي تقديري ان في هذا التعليق جانبا كبيرا من الواقعية، لأن صاحب برنامج البرنامج لم يعد يحتاج الى اية شهرة فقد بات ذائع الصيت وبرنامجه «البرنامج» هو الاشهر اليوم من بين كل برامج الفضائيات العربية والاجنبية، والمهم في هذا البرنامج ان سخريته المريرة من الواقع السياسي المصري، تلقى قبولا متزايدا عند الذائقة العربية، التي لم تكن تحتمل هذا النوع من السخرية الجريئة التي تحطم ما يشبه المحرمات في هذه المسألة، والاهم انها تحيل هذه السخرية كنص من نصوص الديمقراطية وحرية التعبير التي لا يبدو ان الاخوان المسلمين سيقبلونها ولا بأي شكل من الاشكال، بل انهم لن يقبلوا بغير ما سأسميه بديمقراطية السمع والطاعة...!!
على اية حال وفي المحصلة اقول كما قالت كل ردود الفعل بهذا الشان : خسرت دولة الاخوان هذه المعركة من بدايتها، وربحها باسم يوسف بمنتهى اليسر والبساطة.