حمسنة التعليم... واخونة غزة- جهاد حرب
اصدرت حكومة حماس ومجلسها التشريعي في قطاع غزة قانون التعليم خلال الاسبوع الماضي، يتضمن هذا القانون فصل الأولاد عن البنات منذ سن التاسعة أي الاطفال ممن هم الصف الثالث ابتدائي. هذا القانون لا يتوقف على مدارس الحكومة فقط بل يشمل كافة انواع المدارس الموجودة في القطاع من خاصة (المسيحية منها) ووكالة الغوث. وكما يشمل كل مراحل التعليم بما فيها الجامعية. كما وعد وزير التربية والتعليم في قطاع غزة اسامة المزيني أن يمتد هذا القانون الى الضفة الغربية.
كما أن قانون التعليم الجديد يأمر بتأنيث مدارس البنات ( وهي ما قامت به وزارة التربية والتعليم منذ عام 2008 عندما قررت تأنيث مدارس البنات) ما يعني مستقبلا فصل وزارة التربية والتعليم؛ واحدة للبنات وأخرى للأولاد، مما سيؤدي لاحقا الى الفصل ما بين الموظفين حسب الجنس في وزارة التربية، وربما في كافة المؤسسات الحكومية بما فيها قطاع الصحة، استكمالا لحمسنة مؤسسات الدولة.
جرت خلال سنوات حكم حماس في قطاع غزة العديد من الاجراءات لحمسنة "أخونة" المجتمع أو فرض نمط حياة وسلوك لحركة حماس على المواطنين منها تأكد شرطة حماس "على غرار رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ممن يسير على شاطئ غزة أو من يجلس في سيارة من انهم على صلة قرابة أو محرم، ومنع البنات من تدخين النرجيلة "الارجيله" في المقاهي ومعاقبة اصحاب المقاهي والمطاعم على ذلك.
كما جاء في نفس السياق فرض الحجاب على طالبات جامعة الازهر، بالإضافة الى ذهبت اليه ادارة الجامعة "ان عدم الالتزام بالزي الشرعي يؤدي إلى قضايا لا أخلاقية وعلاقات محرمة خارج وداخل الجامعة". وهذا الأمر ينسجم على فرض الحجاب على طالبات المدارس.
وفي اطار أخونة المجتمع "الغزي" قامت وزارة الأوقاف في المحافظات بحملة الفضيلة كأن الغزيين بلا فضيلة. ذلك المجتمع المحافظ أصلا بطبيعته نتيجة العوامل الثقافية والاجتماعية والاقتصادية للمدن في قطاع غزة وهذا ينطبق على كافة المدن المستحدثة في الضفة الغربية.
كما أن قيام مدير مدرسة في قطاع غزة، في الفيديو المنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، بصفع احد الطلبة أمام الطلاب بسبب قصة شعر الطالب دليل اضافي على أن تنميط السلوك والشكل البشري في مدارس قطاع غزة. ناهيك عن أنه سلوكا غير قويم ويخالف التعليمات التربوية ولا أخلاقي.
كل هذا يعني ان حركة حماس تريد أن تفرض نمطا سلوكيا معينا في قطاع غزة سواء بقرارات وزارية أو تعليمات داخلية تبدو على شاكلة مبادرات من أفراد أو بعض اركان هذه المؤسسة أو تلك. وهنا لا بد من التذكير بما قامت به الحكومة العاشرة "حكومة اسماعيل هنية الأولى" من منع كتاب "قول يا طير" في المدارس بل أَمَرَ بعض مدراء التربية بحرقة أمام الطلاب.
إن الخطر في قانون التعليم الجديد ليس فقط بفرض نمط حياة محدد حمساوي على المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بل أيضا صدور هذا القرار عن اعضاء المجلس التشريعي، وبمباركة القيادة السياسية لحركة حماس، الذين كان ينبغي أن يكونوا أكثر "تنويرا" من ابناء حركتهم الدعويين أو وغلاة الموظفين الحمساويين في الوزارات.
ان فرض نمط حياة على المواطنين يعكس في أحد اوجهه منع حرية الاختيار وكبت الحريات وتشويه الصورة البشرية وإنسانية الانسان وطبيعة الخليقة التي حبانا رب العالمين بها، وان كان هذا الفرض عبر قوانين فان ما تقوم به حكومة حماس وكتلتها النيابية في قطاع غزة يخالف ما صرح به زعمائها بعد الانتخابات التشريعية العام 2006. كما يبدو أن خطة حمسنة "الدولة" أو "الكيان" بالسيطرة على مؤسساتها قد توسع الى حمسنة " أخونة" المجتمع الغزي جميعه ويكشف أن حركة حماس لا تؤمن بالتنوع والتكامل.
هذا الأمر يطرح تساؤولا الى أي مدى يمكن لحزب سياسي أن يفرض نمط محددا للسلوك البشري في ظل تجارب عالمية ومنها اسلامية "كحكومة طالبان في افعانستان" و"الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي" قد فشلت في اغتصاب القيم الانسانية المتعلقة تعددية سلوكه وحقه في الاختيار والتنوع من خلال الفرض عبر البوليس السياسي أو الادوات التنفيذية الأخرى أو عبر القوانين.
تنويه: تنويه: اتصل الأخ موفق دراغمة منسق شؤون المحافظات في ديوان الرئاسة، إثر مقالي الجمعة الماضية "شَفافِيةُ المُوازَنَةِ....وشَفافِيةُ مَكْتًبِ الرَّئِيسِ"، وقد أوضح أن النظام المعمول به في ادارة المحافظات الفلسطينية لا يمنح نواب المحافظين أية امتيازات اضافية لطبيعة المنصب لذا اقتضى التنويه.