حرب «الهاكرز» على إسرائيل - عادل عبد الرحمن
ثورة الاتصالات والمعلومات، التي وسمت عصر العولمة ببصماتها، أدخلت للعالم اسلحة جديدة، وفتحت جبهات للصراع بين القوى لا تقل اهمية عن المعارك الحربية والاقتصادية والدبلوماسية، لا بل انها تتفوق عليها في تحطيم قوى العدو، والتي تمس بالضرورة كل المجالات المذكورة آنفاً.
امس الاول شهدت دولة الارهاب المنظم الاسرائيلية حربا من النوع الجديد، شنتها مجموعة «الهاكرز أنونيموس» تحت إسم «عملية إسرائيل» وذلك دعما لكفاح الشعب العربي الفلسطيني وقضيته الوطنية. وتمكنت من اختراق نحو الـ (19) تسعة عشر الف موقع إسرائيلي شملت مواقع وزارة الحرب والتعليم والاستخبارات وسوق الاوراق المالية والمحاكم وشرطة تل ابيب وحزب كاديما وبنك القدس. وعند كتابة هذه المادة لم تكن حرب الهاكيرز قد انتهت.
جاءت هذه الحرب عشية إحياء دولة الابرتهايد الاسرائيلية «ذكرى المحرقة»، ووضعت مجموعة «انونيموس» رسائل متعددة داعمة لنضال الاسرى الفلسطينيين ولعموم الشعب الفلسطيني، ورفعت العلم الفلسطيني مع اعلام عربية منها العلم الجزائري على بعض المواقع الاسرائيلية المخترقة. كما نددت بجرائم وانتهاكات دولة التطهير العرقي الاسرائيلية تجاه العرب الفلسطينيين.
وصفت وسائل الاعلام الاسرائيلية الحرب الجديدة، بأنها الهجمة الالكترونية الأوسع حتى الآن. وهذه الحرب على ما شملته من مواقع على ما يبدو، انها بروفة لحرب أوسع وأعمق لاحقا ضد المصالح والمواقع الاليكترونية الاسرائيلية.
ومع ان مجموعة «انونيموس» اعلنت عن فتح حربها على المواقع الالكترونية الاسرائيلية قبل أيام، ورغم أن حكومة نتنياهو استخدمت ما يزيد على (5000) هاكرز إسرائيلي للتصدي للمجموعة، الا انها لم تتمكن من حماية مواقعها ومواقع مؤسساتها، علما ان المصادر الاسرائيلية، اعلنت ان مجموعاتها الهاكرزية نجحت في اختراق بعض مواقع مجموعة «انونيموس»، غير أن تصديها كان ضعيفا، ولم يقو على دحر الهجمة الانونيموسية. الامر الذي يؤشر الى أن إمكانية توسيع دائرة الحرب الاليكترونية، هي إمكانية واردة، والتي سيكون لها تداعيات على مجمل الحياة الاسرائيلية.
ونتيجة لذلك اعتبر افيغدور ليبرمان، رئيس لجنة الخارجية والامن بالكنيست، أن هجمة الهاكرز لتخريب مواقع إسرائيلية على الانترنت، دليل آخر على «معاداة اليهود» !؟ وهذا غير صحيح، لان الهجمة لا تطال اليهود، بل تطال الصهاينة اعداء السلام والتعايش بين الشعوب، جاءت ردا على عمليات القهر والتنكيل الاسرائيلية ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ولرفع الصوت عاليا امام العالم على حجم المعاناة، التي يتعرض لها اسرى الحرية، وقطاعات الشعب المختلفة، والحصار الظالم المفروض على قطاع غزة، ولفضح وجه إسرائيل العنصرية امام شعوب الارض قاطبة. وبالتالي على ليبرمان وغيره من القتلة والمجرمين الكف عن استخدام اوراق مهترئة ومتهتكة، ومكشوفة للعالم. مرة «معاداة السامية» والوجه الآخر لها «معاداة اليهود» وكلا العنوانين لم يعد ينطلي على احد. لان العدوانية الاسرائيلية فاقت حدود الوصف، ولم يعد اصدقاء إسرائيل في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي قادرين على تحمل تكرار الاسطوانة المشروخة.
وحرب الهاكرز باتت جزءا من عمليات المواجهة مع دولة العدوان والاحتلال الاسرائيلية، وعلى القوى المؤيد للحقوق الوطنية المختصة في مجال النت مواصلة هجماتها على المواقع الاسرائيلية المختلفة، وتوسيع حربها أكثر فاكثر للمساهمة في إخضاع إسرائيل للتراجع عن عدوانيتها وجرائمها ضد الفلسطينيين، والاقتناع بان خيارها وأمنها لا يكون الا بالانسحاب الفوري وغير المشروط من الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 لاقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
شكرا للهاكرز المساندين لكفاح الشعب العربي الفلسطيني، وشكر خاص لمجموعة الانو نيموس أياً كانت جنسيتها ومكان إقامتها، لأنها بوقفتها الشجاعة مع الشعب الفلسطيني، تعزز من رفع معنويات ابناء الشعب، وتفتح امام خبراء فلسطين والعرب وانصار السلام في العالم جبهة جديدة، يمكن الاستفادة منها في مواجهة التحديات الاسرائيلية وايقاع الهزيمة بها.