ديمقراطية التقسيم- فؤاد ابو حجلة
لم يكتف الرئيس السوداني الاسلامي التوجه بتقسيم بلاده والتبرع بجنوبها كاملا الى الوثنيين ليقيموا جمهورية صديقة لاسرائيل، بل واصل عمر البشير الذي يجمع بين الهويتين العسكرية والاخوانية برنامجه الاصلاحي الذي يتجاوز حدود ما كان يسمى السودان ليخترق دول الجوار وليعبث في مصر.
إنه الآن يطالب بمثلث حلايب الحدودي، وهو المنطقة المختلف عليها بين مصر والسودان، وربما لا يشكل هذا الخلاف قضية كبيرة للشعب المصري أو الشعب السوداني، فكلاهما شعب عربي يؤمن بوحدة الأمة. لكن موقف الفريق عمر البشير يثير الكثير من التساؤلات ليس فقط عن مغزى فتح الملف في هذا التوقيت بالذات، وليس فقط عن محاولة استغلال حالة الضعف السياسي في مصر، ولكن عن جرأة هذا العسكري الإخواني في المجاهرة بالاستفزاز والاستهتار بعقول السودانيين والمصريين وكل العرب، فالفريق الذي يرقص بالعصا ويخطب بالعصا ويقمع المعارضة بالعصا سلم نصف بلاده للمتمردين الوثنيين المدعومين من اميركا واسرائيل ولم يرف له جفن بل واصل الرقص بالعصا وهو يعلن الاحتفال بتقسيم السودان.
الآن يريد البشير أن يستغل ظروف صديقه الرئيس المصري محمد مرسي ويراهن على أن الاخوة بين الجماعات والحركات الاسلامية ستجعل النظام في مصر قادرا على التبرع بمثلث حلايب للسودان. ويريد حامل العصا أن يقنع السودانيين بأنه مثلما تنازل عن نصف التراب الوطني فإنه قادر أيضا على تحصيل جغرافيا جديدة ولو كانت مقتطعة من الجوار العربي المسلم.
إنها مهزلة القيادة التي تتجسد في شخص البشير وأقرانه من الخارجين من تحت إبط جماعة الاخوان المسلمين، وهي مهزلة متواصلة ترعى اميركا التعتيم عليها بتمويل غطاء الورع والتقوى.
وهي مهزلة الديمقراطيات المصممة في واشنطن والتي انتعشت في خريف العرب لتقسيم البلاد والعباد، وما علينا سوى النظر الى ما حل بالعراق في عهده الديمقراطي الزاهر لنعرف إلى أين نسير تحت المظلة الاميركية.