العلمانية وعلاقة الدين بالدولة ..... الأسير ماهر عرار /سجن النقب الصحراوي
لا تعتبر أشكالية جدلية علاقة الدين والدولة،التي تمثل حالة جدل حزبية أيديلوجية في الحياة السياسية العربية بشكل عام والفلسطينية بشكل خاص،وليدت اليوم أو الأمس أو أن شئت لا ترتبط بصعود الأسلام السياسي وولوجه للسلطة والحكم في فلسطين ومصر وتونس و و و ألخ ،وأنما تعود جذور هذه الجدلية لعقود أعقبت قيام الدولة العربية الحديثة في منتصف القرن العشرين ومحاولة أنتاج الدولة العلمانية في سوريا ومصر والعراق وغيرها من التجارب التي منيت بالتعثر نظرا لهيمنة الحزب الواحد والرجل الأوحد وبالتالي قتل وأغتيال مفهوم العلمانية في منطوقه ومفعوله الفعلي .
مع ذلك ورغم أنتفاء المبنى العلماني من بنية وهيكلية الدولة والحياة السياسية ،والأكتفاء بالمصطلح المجرد من المعنى الدلالي ،الأمر الذي أسهم في تشوه القيمة الفقهية للعلمانية كنظام سياسي وأجتماعي ،رغم ذلك أسهم تبنى العلمانية وأن يكن بالتعريف الأنف الذكر ،الى أيجاد أحتراب وصراع سياسي حول هوية الدولة وعلاقة الدين بالدولة ،تمثل في تيار القوى الأسلاموية (الأخوان)من جانب والتيارات الوطنية (الأحزاب التقليدية) رغم ضعف حضورها الى جانب الدولة ،حيث كانت ضمن منظومة الدولة في مواجهة التيار الأسلاموي الفكراني الذي عرف الأزمة على أنها صراع بين قوى الأسلام والدين وقوى الكفر والتبعية والتطبع بمفاهيم الغرب .
لا ريب في أن القوى الأسلاموية ،نظرا لحساسية أشكالية الدين في الوعي العربي الشعبوي،أستفادة من فزاعت العلمانية ،حيث أنتجت الأسلاموية وعيا جامعا شمل قطاعات واسعة من عامة الناس ،تم أدلجته وقولبته وبالتالي أشتقاق معنى وتعريف لازم وأتسق بالعلمانية ،فأصبح الحديث عن العلمانية مأثمة كبرى وأصبح المعنى المتأصل لها ينحصر في الفهم الخاطئ لها (فصل الدين عن الدولة) الأمر الذي شكل أجحافا وأغتيالا لقيمة أجتهادية سياسية أجتماعية تحوي جوانب أيجابية عديدة ،كانت أرضية لبناء حضارة الغرب وريادته ...ومع أعتلاء القوى الأسلاموية تفاقم الصراع حول هوية الدولة وعلاقة الدين بها على نحو أكثر حدة من الشواهد على ذلك أحداث مصر وتونس،الأمر الذي يدعو لأجتراح تعريف تبسيطي للعلمانية وبالتالي أجتراح تحليل مبسط لطبيعة صراع القوى الأسلاموية أزاء العلمانية .
أن العلمانية بمعناها الفقهي تعني تدين المجتمع وعلمانية الدولة ،أي حرية الأعتقاد داخل المجتمع بما يشمل مختلف الديانات ،وعلمانية الدولة كنظام وحالة سياسية وطنية وأسلاموية حزبية تعددية تتفاعل وتتعايش في نطاق محددات وضوابط ديمقراطية ،فهل يمكن تسمية ذلك فصل للدين عن الدولة ؟ لعلي بفهمي المتواضع أجزم بأن العلمانية لا تخدش بالدين ولا تنزع عنه أرتباطه بالدولة ، فأذا أعتمدنا على تعريف الدولة نلاحظ أنها تقوم على ثلاث عناصر وهي الشعب =المجتمع ،والجغرافيا =الأقليم ،والدولة =الكيان أو الاطار ،وبالتالي أن العلمانية تحفظ الدين كأحد مكونات الدولة مع التأكيد على قدسيته بمعزل عن السياسية . . .
ختاما أن فهمي لمناصبة القوى الاسلاموية العداء للعلمانية ،أرجعه لتعريف هذه القوى الدلالي،فهي قوى فكرانية=ايديلوجية لا تؤمن بالتعدد والتنوع وتخضع أي سلوك بشري أو أي حالة وظاهرة ،لنص ديني مؤل في سياق أجتهادي بغية الهيمنة والأستحواذ وعولبة وقولبت الدولة والمجتمع .