تدقيق الموقف قبل التقرير- عادل عبد الرحمن
أخذ موضوع زيارة محافظات الجنوب من قبل الشخصيات الرسمية العربية والاسلامية مساحة كبيرة من التجاذب بين المؤيد لها (جماعة الانقلاب) والرافض لها (الشرعية الوطنية) لا سيما وان المنطلقات والخلفيات لقراءة ابعاد الزيارة تختلف من فريق لآخر.
الانقلابيون الحمساويون يهللون ويطبولون لاي زيارة رسمية، معتبرينها شكلا من اشكال الاقرار بالواقع، اي الاعتراف ب"شرعية" الانقلاب على حساب الشرعية الوطنية، وتكريس لدورهم وخيارهم الانفصالي. في حين ان الشرعيين الوطنيين يرفضون رفضا قاطعا هكذا زيارات خشية من تداعياتها وآثارها غير الايجابية على الوحدة الوطنية، ولان الشرعية برئاسة محمود عباس هي عنوان فلسطين الرسمي، ومن غير اللائق والمقبول لاي شخصية رسمية عربية او اسلامية زيارة محافظات غزة في الواقع الراهن، مع انها ترحب باي ضيف يود زيارة اراضي دولة فلسطين، وتدعو كل الاشقاء العرب والاصدقاء من دول العالم المختلفة بزيارتها واللقاء بنظرائهم في مركز القرار الفلسطيني الشرعي.
ورفضت القيادة برئاسة ابو مازن الضرب على وتر الحصار الاسرائيلي الظالم المفروض على القطاع منذ سبعة سنوات لاختراق النواظم الوطنية، والمس بمركز القرار وتعويم الانقلاب الحمساوي على حساب الشرعية. لهذا اعلنت في كل مرة يعلن فيها عن زيارة هذه الشخصية العربية او الاسلامية للقطاع عن رفضها لها، ومطالبة المسؤولين المختلفين من التدقيق في الموقف واعادة النظر بقرار الزيارة، لانه لا يخدم التوجهات واهداف الزيارة السياسية او الاقتصادية إلآ اذا كان الزائر القادم للقطاع يهدف الى تعميق الانقسام وتابيد الانقلاب الحمساوي على حساب الشرعية كما حصل في زيارة امير قطر في تشرين الثاني 2012، الذي اشار التقرير، الذي نشرتة جريدة "الحياة الجديدة " (خبايا وخفايا) لتلك الاهداف المرفوضة وطنيا.
خلال المرحلة الماضية وقعت الشرعية الوطنية في اخطاء اثناء معالجة بعض الزيارات لقطاع غزة، مما شكل التباسا لدى بعض العرب والمسلمين والاصدقاء من دول العالم الاخرى. لكنها تداركت في اعقاب العدوان الاخير على محافظات الجنوب في تشرين الثاني نوفمبر الماضي ذلك الالتباس، وبات موقفها جليا واضحا لا لبس فيه ولا غموض، واعلنت دون مواربة او مجاملة رفضها لاي زيارة رسمية من قبل اي دولة للجناح الجنوبي من الوطن قبل إتمام المصالحة وعودة الشرعية الوطنية اليها.
ولهذا اعلنت القيادة رفضها لزيارة رجب طيب اردوغان الى محافظات القطاع رغم العلاقات الايجابية بين القيادتين (الان الرئيس عباس في زيارة لتركيا) ورحبت باي زيارة لفلسطين ، ولكن ليس للجناح الخاضع للانقلاب الحمساوي تفاديا للاخطار الناجمة عن ذلك، والتي لا يفهمها الانقلابيون إلآ من خلفيتهم الانفصالية السوداء. الامر الذي اثار حفيظة الناطقون بلسان حركة حماس من الموقف الرسمي الفلسطيني، واضفاءها تأويلات عديدة لزيارة الرئيس عباس لتركيا الان، والتي كانت محددة قبل إعلان اردوغان لزيارة غزة.
بالتأكيد هدف الحملة الحمساوية على الرئيس ابو مازن ليس محصورا بموقف الشرعية من زيارة اردوغان، انما لها ابعاد اخرى تطال المصالحةن وتعمل على وضع العصي في دواليبها، لان خيار التيار المتنفذ في الانقلاب الحمساوي، العمل على تعطيل المصالحة الوطنية تحت حجج وذرائع مختلفة. لكن ذرائع وتهويشات الانفصاليون الانقلابيون لن تحول دون متابعة العمل من اجل تقدم عربة المصالحة والوحدة الوطنية ، لانها خيار كل الوطنيين والغيورين على اهداف ومصالح الشعب العليا.
a.a.alrhman@gmail.com