المجتمع بين الأسلمة والأسلام- الأسير /ماهر عرار ..سجن النقب الصحراوي
كثيرا ما يتداول غلاة الأحزاب الأيديلوجية الدينية (الفكرانية) في صلب خطاباتهم الحزبية وأطلالاتهم الأعلامية النجومية سيما معاركهم الأنتخابية في أعقاب الربيع العربي وأنخراطهم في الحياة السياسية،كثرا ما يتناولون مفردة الأسلمة ،أي بمعنى أسلمة المجتمع والفرد ،على أعتبار أن هذه المجتمعات غير مكتملة أسلاميا، حسب هذا الزعم والفهم الايديلوجي الذي ترجع أصوله ألى المدرسة القطبية (أفكار السيد قطب)وذيوله التي تتغول بأطراد في مفاصل الحياة السياسية والمجتمع . تعني الأسلمة حسب الفلسفة الأيديلوجية القطبية ،أعادة تقويم المجتمع والفرد في شتى مقوماته وأبعاده الحياتية وتذهب في تطرفها ألى التمادي وصولا للأيغال في خصوصية الفرد بما يعنيه ذلك من الأطباق على الحريات حتى في مستوى ما سوغته الشريعة والأسلام السمح والقويم . لا تكتفي هذه الجماعات بالخطابة والتطرف اللفظي في سياق الأسلمة وأستكمالها ،وأنما تلجأ لوسائل عملياتية أكثر حدية وتطرف على الأرض،من قبيل حملة فرض الأسلمة بالأكراه ،على نحو فرض شروط ومعاير سافرة على سلوك الفرد ونمط حياته على مستوى قصة الشعر واللباس والفصل بين الجنسين بالأضافة الى سياسة الأقصاء بحق أساتذة ومثقفين من مهنهم الجامعية على خلفية أستبدال لفظ الحرائر بلفظ النساء ولفظ القردة والخنازير بلفظ اليهود وهلمجرا من هذه الممارسات اليومية التي نشاهدها في غزة ومصر ألخ ، والتي تستهدف حسب مريدها أسلمة المجتمع أو بتعبير أدق أستكمال أسلامية المجتمع وكأن هذا المجتمع ليس أسلاميا ومسلم بطبيعته وتركيبته في عاداته وتقاليده وأنماط حياته ومسلكياته من حيث التربية والتنشأة ، وتفاعلاته في الشارع والجامعة والمدرسة!!. لا شك بأن الأسلام وضع مبادئ وقيم ومسلكيات محددة وهي بالمناسبة تلتقي مع كثير من القيم والمبادئ الدنيوية الحديثة والمعاصرة لطالما كانت الغاية واحدة ألخصها في أنسنة البشرية بمعنى السمو فيها،لكن السؤال الملح والمشروع ،والذي يأتي على فرضية أن المجتمع غير مستكمل أسلاميته ،هل يوجب ذلك فرض الأسلمة بالأكراه وبالوسائل العنفية ؟ ،ذهبت لهذه الفرضية رغم أيماني المطلق أن المجتمع مسلم ومحافظ رغم ما يبدو من أنفتاح أعزوه لتطور البشرية وتقادم وسائلها الحياتية ولا أجده يخترق الحياء. أنطلاقا من فهمي الطفيف للأسلام والدين ،ليس من العسير الأجابة على ذلك بالتنكر لأسلميته ،أي فرض الأسلمة ،ولربما أبلغ حججي في هذا السياق قوله تعالى (لا أكراه في الدين .ص.)البقرة ،فأذا كان الله تعالى منزل الدين والأسلام على هذه البشرية ،يحض في تعميم دينه أن لا أكراه في الدين ،فأين مشروعية دعوات الاحزاب الأيديلوجية من هذا النص؟وهل الأحزاب الأيديلوجية الدينية أكثر حرص من الله جل شأنه على الدين والأسلام ،أو لنقل هل قوة هذه الأحزاب أكثر فاعلية وقدرة على أستقامة أسلمة المجتمع من قوة الله على ذلك ؟، بكل تأكيد الأجابة هي النفي المطلق . بالتالي يحق القول أن من الجدير التفريق بين الأسلام و الأسلمة ،حيث أن الأسلام رسالة منزهة منزلة ،والأسلمة رغم أشتقاقها من جذع الأسلام ،هي بدعة أيديلوجية بأدواتها ووسائلها ما أنزل الله بها من سلطان ،وأختم بقول يا دعاة الأسلمة لكم الأسلمة لنا الأسلام....