"النجاح".. في زمن السقوط بالظلام - موفق مطر
يحق للشعب الفلسطيني الافتخار بأن مبادئ وأهداف وبرنامج حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ما زالت الموجه والمسير للجيل الحاضر من شباب فلسطين المتعلمين رغم هزات اصطنعها الاحتلال الاستيطاني لتدمير ركائز المشروع الوطني، وتهجير الأمل من نفوس الأجيال الفلسطينية بإمكانية تحقيق الحرية للأرض والإنسان، وتجسيد هدف الاستقلال والسيادة في ظل علم وطني يرفرف على ارض دولة فلسطين، ورغم محاولات وعملية بحث عن بدائل لشرعية الكفاح والنضال والتجربة العلمية والتمثيل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وإحلال ما يسمى بشرعيات عائلية مناطقية وروابط تابعة حتى وان بدت كيانات بمسميات مغرية، لكنها موظفة لتنفيذ أجندات قد تكون معنية بأي امر إلا الموضوع الرئيس للصراع وهو تحرير ( الأرض ) وإنسانها الفلسطيني، وتحقيق العودة للاجئين.
يشكل فوز "كتلة الشهداء" - الاطار الطلابي لحركة فتح - في انتخابات مجلس طلبة جامعة النجاح الوطنية، منظورا اعمق وأوسع من مجرد عملية انتخابية لمجلس اشبه بالأجسام النقابية او الاتحادات ذات الصبغة المهنية ايضا، مجلس يقدم خدمات للطلبة الجامعيين، ويعمل على تأمين حقوقهم وتنظيم شؤونهم ونشاطاتهم، وان كنا نريد أن يكون هذ الدور هو المحور الرئيس في برنامج عمل مجالس الطلبة والى جانبه الدور الثقافي والسياسي إلا ان واقع الاحتلال ومحاولات الكتلة المنافسة الأكبر ( حماس) الغاء تاريخ وانجازات حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، وتبديد الهوية الوطنية والثقافية الفلسطينية، وربط القضية الفلسطينية، ومصير الشعب الفلسطيني، بمصير جماعتهم وتيارهم العالمي "الاخوان المسلمين" الى جانب عملية التزوير والإلغاء المقصودة للآخر، وتوظيف الطاقات وأموال الدعم لمحاربة المنهج الوطني والعلماني لقوى حركة التحرر الفلسطينية وكذلك اليسار الفلسطيني، كل هذه الأسباب وأسباب اخرى تجعل من انتخابات الجامعات معيارا لقياس شعبية الحركات والقوى السياسية في الساحة الفلسطينية.
فوز فتح بانتخابات مجالس الطلبة في جامعات الضفة الفلسطينية ضربة نوعية على أدمغة المصابين بلوثة وهم تسويق انفسهم كبدائل، وبذات اللحظة تخيب ظنون الباحثين عن بدائل خاضعة وتابعة.. او حتى صناع هذه البدائل، وملمعيها بين الفينة والأخرى!!. وبرهان اضافي على شرعية تمثيل حركة التحرر الوطنية الفلسطينية للشعب الفلسطيني وريادتها للمشروع الوطني. وبرنامج الحركة وسياستها، باعتبارها العمود الفقري لمنظمة التحرير الفلسطينية
تكمن اهمية الفوز بأن الطلبة في جامعات الوطن يمثلون توجهات شرائح وطبقات مجتمعية متنوعة، وهذا ما يسهل على الدارسين والباحثين متابعة توجهات المجتمع الفلسطيني السياسية، ووضع تقدير اقرب للحقيقة حول الحركة السياسية او الحزب صاحب الحظ الأوفر في أي انتخابات تشريعية او رئاسية قادمة، فكيف اذا ضم الباحثون نتائج انتخابات النقابات والاتحادات الأساسية التي تمثل كل واحدة منها عشرات آلاف الأعضاء ؟!.
ليس سهلا الانتصار لمبدأ الحرية للأرض والإنسان، وليس سهلا ديمومة الفكر النضالي وإقناع الجماهير به.. لكن كما يبدو أن فتح تحقق معجزة الصمود والمقاومة لهجوم مزدوج الأول سعى لاقتلاع جذور الانسان من ارضه وتشريده وتهجيره نهائيا فلم يفلح، والآخر يهدف لتشكيك وعي الفلسطيني بهويته الوطنية، وأخذه الى مجاهل الانتماء لتشكيلة غريبة عجيبة من المفاهيم المتآكلة.
أثبتت الانتخابات بالجامعات في الضفة - رغم منع حماس الانتخابات الجامعية في غزة – أن حركة فتح استطاعت صد هجومين مبرمجين رغم تحشيد وتهويل اعلامي ودعم مادي مالي منظم، فتحته قوى اقليمية بشيكات على بياض! بهدف اسقاط حركة التحرر الوطنية فتح ، فتنهار فورا مقومات الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني منظمة التحرير الفلسطينية !!.فوظفوا ما سمي بـ"لربيع العربي" لإقناع الجمهور ببطلان النظريات والمفاهيم الوطنية والقومية والعلمانية والتقدمية التحررية الانسانية، لصالح تعاميم ومفاهيم "الأحزاب الاسلاموية" للحكم !!.
كانت الانتخابات بجامعات الضفة انجازا ديمقراطيا رائعا ، فهي نقلة نوعية في الممارسة الديمقراطية، حيث تحقق مبدأ تكافؤ الفرص بعدالة لجميع المتنافسين، بمن فيهم كتلة حماس الطلابية.
كشفت مليونية فتح بعيد الانطلاقة الثامن والأربعين في قطاع غزة ونتائج انتخابات الجامعات في الضفة الجناح الشمالي لدولة فلسطين حجم المسؤوليات الوطنية على حركة فتح ، اذ يمكننا القول انها باتت اثقل مما كانت سنوات انتقالها، فهي كانت تتحمل عبء التحرير في زمن النهوض العربي، أما الآن، فإنها تتحمل عبء التحرير والاستقلال والبناء والتقدم، في زمن الارتداد ودفع الشارع العربي للسقوط في وادي الظلام.