الطوائف العابرة للحدود- فؤاد ابو حجلة
بداية لا بد من التأكيد على أن جرح تل الزعتر لن يندمل في الذاكرة الفلسطينية، كما لا بد من التذكير بأن النظام السوري الحالي يمتلك حصة الأسد في روزنامة الجرائم ضد الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن أي فلسطيني في العالم لا يستطيع الوقوف مع هدهد الشام الا إذا تبرأ من فلسطينيته أولا وعلى رؤوس الأشهاد.
لذا فإنني لا يمكن أن أتخندق مع جماعة هذا النظام في الدفاع عنه وعن بقائه في حكم الشام.
لكنني في الوقت ذاته لا أستطيع التصفيق لقوى الظلم والظلام التي تجتاح سوريا الآن تحت مظلة الجهاد لاسقاط الطاغية، ولا أستطيع العثور على مبرر واحد لتأييد الغزاة الجدد الذين يرفعون راية الطائفة لتخريب المجتمع بعد أن نجح سيدهم الاميدكي في تخريب الدولة.
فجأة تحرك السنة العرب الذين كانوا صامتين كالأموات خلال كل عقود الصراع مع العدو الاسرائيلي – الاميدكي، وحشدوا مقاتليهم من ليبيا وتونس ومصر والأردن وفلسطين واليمن والجزائر والشيشان ليشاركوا في الجهاد في الشام وهو جهاد ملتبس يتوزع المشاركون فيه بين الباحثين عن دور والباحثين عن ضحية والباحثين عن مكافأة والباحثين عن ملاذ والباحثين عن فتوى كفتوى جهاد المناكحة. وفجأة صار للسنة ثوار يحملون السلاح ويعبرون الحدود للجهاد، لكنهم يتجنبون حدود فلسطين وكأنها حدود مكهربة بالمنع الشرعي!
بالطبع هناك تخلف من نوع آخر، وهناك تعبئة طائفية أخرى للدفاع عن نظام بشار الأسد، ولا شك في أن مقاتلي حزب الله يشاركون مع جيش النظام في المعارك الدائرة في الأراضي السورية. وهذه أيضا مشاركة طائفية عابرة للحدود، خاصة أن الحزب كان قادرا على اشعال حرب مع اسرائيل في جنوب لبنان تحرج حركات السنة المشاركة في تخريب سوريا، لكن قادة الطائفة الشيعية في لبنان لا يريدون مثل هذه الحرب.
في العراق وفي سوريا واليمن ولبنان يبدو الصراع معبرا عن واقع التخلف الذي يحشر الناس في خنادق الطوائف ويدفعهم للموت على تراب الآخرين، ويظل هذا التخلف والجهل العربي الممول محليا والموجه خارجيا حارسا للاحتلال الاسرائيلي لفلسطين التي لا نتوقع اطلاقا تحريرها بجهاد المناكحة ولا ننتظر تشكيل جبهة لنصرتها مثلما لا نتوهم قيام كسرى بتحرير بيت المقدس.