شكراً لكم ولصراحتكم..- د صبري صيدم
قدم المتضامنون الأجانب الذين شاركوا في اللقاء الدولي "الحرية والكرامة" بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لاعتقال الأخ مروان البرغوثي نموذجاً حياً ومصغراً لمجتمع دولي ينبض بالحياة والدعم الشعبي لفلسطين.
فعلى مدار يومين متواصلين قدم الحضور مداخلات نوعية وأفكاراً قيّمة أكدت وضوح الرؤية الدولية الشعبية اتجاه خلاص الفلسطينيين من المحتل.
كلمات السجين الإفريقي الثائر أحمد كاترادا، الذي صاحب نيلسون مانديلا لأكثر من عقدين ونيف في سجن جزيرة روبن سجل الحضور الأقوى بين الضيوف الأجانب في افتتاحية المؤتمر عندما أكد أن جنوب أفريقيا التي عانت الأمرين لم تشهد في أوج تصاعد العنصرية فيها بناءً لجدار ضمٍ عنصري أو حواجز للتفتيش أو شارعين أحدهما للسكان الأصليين والثاني للمحتل الغاشم مستنتجاً بأن المحتل الإسرائيلي أعاد تصنيع وتدوير العنصرية اليوم ليخرجها بأبشع أشكالها تماماً كما نراها اليوم.
إحدى الصيحات المهمة جاءت من رئيسة اللجنة السياسية في الحزب الحاكم في الأورغواي والتي أكدت أن كلامها الذي قالته بالإسبانية لا يحتاج لترجمة فورية لأن العالم بأسره يتحدث بلغة واحدة، لغة الحياة لفلسطين والزوال للاحتلال والحرية للأسرى.
المشاركون والناشطون الذين جاءوا من فرنسا وبلجيكا واسبانيا والسويد والمانيا واليونان وبريطانيا وايرلندا والأرجنتين وتشيلي والأورغواي والبرازيل وجنوب افريقيا أكدوا في مداخلاتهم أن القضية الفلسطينية لا تحتمل التأويل من حيث الحل لكنها تحتاج لجهد شعبي أكبر حضوراً وأكثر تفاعلاً.
المختلف بالأمر هذه المرة في حديث الأصدقاء هو الخروج عن صمتهم ونأيهم عن الشعارات والمجاملات الدبلوماسية والدخول في انتقاد واضح لنا جميعاً بحديثٍ صريحٍ حول ما يتوقعه هؤلاء من الفلسطينيين ومؤسساتهم الرسمية والشعبية حتى يصبح حضورهم أكبر وقعاً وتأثيراً. ومن النقاط التي أثيرت:
1- الحاجة الملحة لإنهاء الانقسام وكل العوامل الداخلية التي تؤدي إلى فقدان التركيز الفلسطيني الشعبي والرسمي على إنهاء الاحتلال والقضايا الفلسطينية الرئيسية.
2- الغياب الواضح لبعض سفرائنا وجالياتنا في بعض الدول عن النشاطات الشعبية التي تنظمها الجمعيات والمؤسسات. ولعل أبلغ ما قيل جاء على لسان نائبة رئيس البرلمان الأوروبي السابق لويزا مورغانتيني التي اشتكت بوضوح من هذا الأمر.
3- ضرورة تعزيز الاهتمام الأكبر للمؤسسة الرسمية الفلسطينية بقضية الأسرى والمتابعة القانونية لشؤونهم ورصد الانتهاكات بحقهم وتحريكها في محاكم العالم.
4- الاستفادة من المؤسسات الأممية والمحاكم الدولية على اختلافها لملاحقة إسرائيل قضائيا خاصة في ضوء تطور مكانة فلسطين مؤخراً في الأمم المتحدة.
5- تحفيز وتصعيد مبدأ المقاطعة محلياً قبل المناداة بها دولياً وتطبيقها تجاه المحتل والسعي للضغط بهذا الاتجاه بالفعل لا بالقول فقط.
6- تشديد الخناق على المستوطنات من حيث مقاطعة منتجاتها والعمل داخلها ورصد وملاحقة الشركات العاملة والمطورة والمتعاونة مع تلك المستوطنات على أرضية القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تعتبر المستوطنات غير شرعية بصفتها مقامة على أراضٍ محتلة.
7- تصعيد المقاومة الشعبية وتطوير مشاركة المؤسسة الرسمية والفصائل في تفاصيلها والانخراط بها فعلاً لا قولاً فقط والعمل على حمايتها وتحفيزها للوصول إلى أشكالها مختلفة.
8- تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وتطوير حضورها الدولي وقدراتها القانونية بحيث تستفيد من العديد من المواقف القانونية والاتفاقات والمواقع وصولاً إلى مستوى أكبر من مقارعة إسرائيل قانونياً ودبلوماسياً.
لقد شكلت النقاط الثمانية من حصيلة النقاشات تصوراً صريحاً "لخطة الأصدقاء" وهو تصور لطالما تقاطعنا مع الكثير من أركانه.
يقال بأن "صديقك من صدقك وليس من صدّقك" وعليه فإن صراحة الأصدقاء وبمناسبة هذا اللقاء جاءت بمثابة التعبير عن غيرة المحبين لنا على حالنا ومآلنا.. فهل نحن من السامعين؟
s.saidam@gmail.com