الدين لله.. والوطن لاميركا!- فؤاد ابو حجلة
ليس مهما الآن التذكير بقائمة الاتهامات التافهة التي روجها الاخوان المسلمون في نقدهم لمواقف المقاومة الفلسطينية وهجومهم على أداء قيادة تبنت، في لحظة تاريخية مزدحمة بخيانات العرب والمسلمين، خيارا سياسيا في مواجهة المشروع السياسي – الديني الذي كان يعرف باسم المشروع الصهيوني وصار واضحا أنه مشروع يهودي.
لكن ما ينبغي استعادته في ذروة ربيع الاخوان هو ما كانوا يتهموننا به من عمالة لاميركا وارتباط بالمشروع الاميركي في المنطقة والتزام بتنفيذ الأجندة الاميركية المشبوهة التي تهيء البيئة الحاضنة للاعتراف العربي الشعبي باسرائيل وتحقيق التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني، رغم انفرادنا في مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة برمتها ورغم الاستفراد بنا في كل مراحل صراعنا مع كيان ما نزال وسنظل نعتبره عدوا.
منذ تأسيس "الجماعة" لم تكن فلسطين في برنامج الاخوان المسلمين، ولم يعرف الفلسطينيون فعلا للاخوان غير التشكيك بشرعية النضال الوطني والعمل على شق الصف الوطني ومحاولات حرف البوصلة الفلسطينية عن وجهتها الحقيقية التي تشير الى القدس دائما ولا تقبل التوجيه الى الشيشان وافغانستان وايران وعواصم عرب الرحمن وعرب الشيطان.
رغم ذلك لم نقس عليهم وقبلنا التعايش مع محاولات الأخونة في المجتمع الفلسطيني بل إننا تسامحنا معهم حد الخطيئة حين دشنا ربيعهم الفلسطيني المبكر في انتخابات تم حشو صناديقها بالورع الزائف.. وكان ما كان في غزة وفي ما بعد غزة.
الآن تتكشف حقيقة المواقف ونعرف، ويعرف معنا عرب الجوار كنه المشروع الإخواني وحقيقته الصادمة، ويصير مواقف علنية ما كان برنامجا خفيا باطنيا خلال العقود الماضية، ويجاهر الاخوان المسلمون بتحالفهم مع الولايات المتحدة، بل إنهم يستقوون باميركا على خصومهم السياسيين، وتهب الخارجية الاميركية للدفاع عن حقهم الشرعي، ليس في الوجود السياسي فقط، بل وفي الحكم أيضا.
من لا يرى هذا الواقع فإنه لا يرى ما يحدث في عواصم ما يسمى بالربيع العربي، ولا يقرأ بيانات الاخوان المسلمين في الدول التي لم يصلها الربيع، ولا يقرأ موقفهم من "التغيير" في سوريا.
في الأردن حيث تمكنت "الجماعة" من أخونة شرائح كبيرة في المجتمع يقاطع الاخوان المسلمون الانتخابات البرلمانية ويهددون باسقاط الحكومة احتجاجا على رفع الدعم عن وقود السيارات، لكنهم يستنكفون عن اتخاذ موقف معارض لتوجه واشنطن لارسال عسكريين اميركيين الى الأردن للعمل على اسقاط النظام السوري، ويغيب أصحاب الصوت العالي عن الاحتجاج الشعبي الذي قادته القوى التقدمية والقومية ضد هذا التوجه.
قبل أكثر من سنتين قال لي قيادي اخواني سوري التقيته في عمان بأنه لا يرى حلا في سوريا الا من خلال القوة العسكرية الاميركية، وكان الشيخ غير الجليل متحمسا لهذا الخيار ومستغربا من رفض بعض مكونات المعارضة السورية للتدخل العسكري الاميركي.
يومها تيقنت تماما من حقيقة المشروع الاخواني في المنطقة، وهو المشروع الذي يقر بأن الدين لله ويصر على أن الوطن لاميركا.