في بيتنا مستوطنة!- د. صبري صيدم
عندما قالت مرشحة الرئاسة الأميركية المندفعة سارة بيلين بأنها ترى روسيا من شرفة منزلها باعتبارها كانت حاكمة ولاية آلاسكا سابقاً كانت تريد أن تدلل على قرب الاتحاد الروسي من بيتها رغم بعد الأراضي الروسية مئات الأميال عن آلاسكا.
اليوم ومع إعلان حكومة الاستيطان في إسرائيل الأسبوع الماضي عن رغبتها توسيع مستوطنة بيت إيل والتي تقع في أراضي محافظة رام والله والبيرة استحضرت شخصياً ما قالته بيلين ولسان حالي يقول إذا ما كانت بيلين تدلل على قرب المسافة بالقول بأنها ترى روسيا من شرفتها فإنني أستطيع أن أقول قياساً بأن "بيت إيل" باتت في منزلي في رام الله تماماً كما شعرت ذات يوم بأن مستوطنة نتساريم الممحوقة كانت في منزلي في غزة وتماماً كما يشعر أهالي سلفيت ومحافظات أخرى بأن مستعمرة أرئيل في قلب بيوتهم وكما يشعر أهالي القدس اليوم بأن جيفعات زئيف ومعالي أدوميم وغيرها الكثير في عقر دارهم وتماماً كما سيكون عليه الشعور مع مستعمرة "الأي ون" وجيفعات هاماتوس والقائمة تطول.
نعم كل المستوطنات باتت نزيلة بيوتنا ويُلقى علينا منها النفايات السائلة والصلبة ورعاع الجبناء ممن يختبئون وراء صخور الضفة ليروعوا أطفالنا بإلقاء حجارة أرضنا علينا وكأن هذا الفعل سيثبت الباطل على أرض الحق.
هكذا دولة الاحتلال، اِعطِها من الاقتراحات شيئاً تلاقيك بقنطار من الظلم الفاضح... والحقائق شواهد. فعندما اجتمع العرب على تقديم مبادرة السلام عام 2002 جاء رد الاحتلال بتدنيس دباباته لرام الله والضفة الغربية وقصف طائراته للآمنين بصواريخ طائرات الأف 16 والأباتشي.
واليوم وعندما أقدم البعض على اقتراح مبدأ القبول بتبادل الأراضي في الضفة الغربية مقابل السلام. جاءنا رعاع المستوطنين يجتاحون الأقصى بعدما ضرب احتلالهم رجال الدين المسيحيين في سبت النور ليُتبع هذه التصرفات بالإعلان عن توسيع مستعمرة بيت إيل!
إذا ماذا لو قال أحدهم لإسرائيل بأن الفلسطينيين قد أعلنوا (وهذا لن يكون) استسلامهم فهل ستضربنا إسرائيل بقنبلة نووية؟
لا يمكن للجنون أن يكون سيد الموقف بهذا الجشع والاستقواء بالجرافات وقوة السلاح على حساب إرادة شعب لا يريد لهذا الاحتلال أن يبقى.
ومع ذكرى النكبة الحزينة نستحضر أرقامنا المؤلمة فحوالي سبعون بالمئة منا لاجئون و44% منّا لاجئون داخل الوطن المحتل حسب وحدة دعم المفاوضات كما أن الاستيطان زاد بواقع 191% خلال الأعوام الماضية. وبعد هذا وذاك يأتينا من يطالبنا بالواقعية والتنازلات!
الواقعية المقبولة تقتضي وقف الطمع الذي تعلن عنه دولة الاحتلال في كل يوم وإزالة هذا الاحتلال وكنسه من الأرض العربية وإلا باتت كل المستوطنات داخل بيوتنا وعندها لن يبقَى سوى أن نشارك المستوطنين أطفالنا وحاجياتنا!!
أتمنى لو أن سارة بيلين تزورنا قريباً لنستمع بتجرد لما ستقوله عن تقييمها الجغرافي للمستوطنات.
عالم أصبح العوج محللاً للبعض والحق أعوج يراه البعض الآخر.. فهل من حكمة تصحح هذا الإعوجاج؟ أم أن الإعوجاج هو سيد الأحكام والحكم؟
s.saidam@gmail.com