استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

إشكالية مواقف الشيخ القرضاوي - مهند عبد الحميد


الخلاف مع القرضاوي سياسي بامتياز، ولأنه كذلك فإن شعبيته ترتفع وتنخفض وفقاً للإفتاء الصادر عنه والذي يوظف في خدمة هذا الموقف السياسي أو ذاك. القرضاوي لا ينتمي لعلماء دين تنويريين ممن نادوا بإصلاح ديني محاولين الارتقاء بمجتمعاتهم أمثال: محمد عبده وطه حسين ورفاعة الطهطاوي ومحمد فضل الله وجمال البنا وغيرهم. لكنه ليس في عداد المفكرين المتزمتين الذين يكفرون ويقصون المختلف. انه يميل إلى نوع من عقلانية دينية معاصرة ملائمة للنظام السياسي الذي يدور في فلكه. غير أن عقلانيته لم تترك بصماتها على الفكر الديني لتنظيم الإخوان المسلمين العالمي الذي ينتمي له. 
مشكلة القرضاوي والاتحاد العالمي الذي يترأسه تبدأ في توظيفه أو تسييسه للدين لمصلحة أجندات سياسية لبعض الأنظمة. لذا كان من السهل دخوله في تناقضات سرعان ما قوضت رصيده وهيبته المستمدين من خطابه الديني. فمنذ البداية كانت مهمة القرضاوي صعبة وشائكة عندما عادى الناصرية المناهضة لكبار الملاك والكمبرادور والملكية داخل مصر فضلاً عن مناهضتها للغرب ولإسرائيل، لمصلحة أنظمة تابعة للغرب وللسياسة الأميركية المتبعة في المنطقة وفلول المتضررين من التأميمات والإصلاح الزراعي. 
ولأن الإسلام السياسي اضطر لإحداث قطيعة تكتيكية مع اتفاقات كامب ديفيد التي أبرمها نظام السادات، وذلك بإصدار فتوى دينية تحرم الاتفاقات من منظور ديني ووطني وأخلاقي، كان ذلك محاكاة لمواقف الإمام الخميني ودولته الإسلامية التي فتحت معركة دعاوية ضد السياسة الأميركية وضد دولة الاحتلال الاسرائيلي أكسبتها نفوذاً في العالمين العربي والإسلامي. ولوحظ أن الاقتراب من إيران الخمينية ترافق مع بداية افتراق قطر عن المركز الخليجي (السعودية) وانتهاجها لسياسة الانفتاح ودعم المعارضة الإسلامية بما لا يتناقض مع السياسة الأميركية في الجوهر بل وفي خدمتها. وتعمق انفتاح الإخوان المسلمين على إيران الإسلامية عبر التحالف مع حزب الله وزعيمه حسن نصر الله وتجربته الناجحة في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. الانفتاح وأشكال التحالف كان لها مردود من نوع آخر، كتعاظم التشيع في مصر، حيث تشيّع 3 ملايين مصري بعضهم من الإخوان المسلمين كما تقول مصادر إسرائيلية. 
مع صعود الإسلاميين ذهب الإفتاء ضد كامب ديفيد أدراج الرياح، وجاءت الصفقة التي أبرمهما الأميركان مع الإخوان المسلمين لتجدد الالتزام بكامب ديفيد وعلاقات التبعية السياسية والاقتصادية والأمنية، تلك العلاقات التي وضعتها الثورة على بساط البحث بهدف تجاوزها وتغيير قواعد النظام في مرحلة ما بعد الثورة. لم ينبس القرضاوي وهو المرجعية الدينية الأعلى ببنت شفة حول الصفقة التي وضعت الإخوان المسلمين في موقع ثورة مضادة بالمعنى الصريح، والسكوت هو علامة رضى. لم يقدم رئيس "الاتحاد" فتوى تَجُبُ الفتوى الأولى وتشرح مبررات تجديد الالتزام بكامب ديفيد وتجديد علاقات التبعية، ودونما شك فقد زعزع هذا الموقف مصداقية القرضاوي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. موقف استجاب للدور القطري في تهيئة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي وفي دعمهم مالياً للعب دور تاريخي خطير هو: قطع الطريق على الثورات العربية والديمقراطية المنشودة عبر عملية الانتقال إلى سدة الحكم والسيطرة على المجتمعات العربية وإعادة إنتاج نظام رجعي مستبد وتبعي من طراز ثيوقراطي. ولم تكن دعوة القرضاوي لتدخل عسكري أميركي في سورية إلا في هذا السياق. دعا لتدخل عسكري وهو يعرف ما هي نتائجه من خلال العراق وأفغانستان وليبيا. القرضاوي يستدعي التدخل والحسم العسكري بدلاً من دعوة الجمعية العامة لممارسة الضغوط من أجل وقف مسلسل الموت الذي يتعرض له الشعب السوري على يد نظامه الديكتاتوري والقوى الرجعية التي تحاول سرقة الثورة، والبحث في مهمة تأمين الحماية للشعب السوري وتمكينه من تقرير مصيره بنفسه من غير تدخل عسكري خارجي. 
إضافة للدور السياسي الخطير الذي اضطلع وما يزال يضطلع به القرضاوي، فقد فاجأنا بدخول الملعب الفلسطيني من موقع الانحياز لحركة حماس، وذلك أثناء قيامها بانقلاب عسكري وتقويضها لقواعد الديمقراطية الفلسطينية -على محدوديتها -. الانحياز في الشأن الفلسطيني موقف صريح لم يجرؤ عليه إلا القرضاوي، وهو في مثل هذه الحالة ومن موقع الاستخدام الديني يعد وصفة سحرية لتشجيع الانقسام وتجذيره. أما الآن فقد بادر مع وفد "العلماء" لزيارة قطاع غزة المتمرد على الشرعية الفلسطينية إمعاناً في الانحياز لطرف دون آخر في لحظة تتزايد فيها المساعي لرأب الصدع الفلسطيني. زيارة القرضاوي إلى قطاع غزة في مثل هذا الوقت تحتمل أكثر من تفسير. كإضفاء شرعية من أرفع مؤسسة للإخوان المسلمين هي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي على الإمارة التي تشيدها "حماس" في قطاع غزة. قد يتفهم البعض انحياز الشيخ لحركة حماس ودعمه لإقامة إمارة إسلامية. غير أن دعم فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية موقف في غاية الغرابة والخطورة والاستهجان سواء كان الموقف بالتلاقي أو بالتقاطع مع الموقف الاسرائيلي لا فرق فالنتيجة واحدة، ولأن الفصل هو أحد ركائز سياسة دولة الاحتلال المتمثلة في تدمير مقومات الدولة الفلسطينية ومنع الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره السياسي والوطني. كيف يقبل اتحاد العلماء ورئيسه التقاطع أو التلاقي مع الموقف الإقصائي الإسرائيلي في لحظة احتدام التضييق على الشعب الفلسطيني؟ 
 بقي القول، لم يدخل الشيخ والعلماء الخمسون قطاع غزة فاتحين ومحررين كما قال الأخ إسماعيل هنية. فالقطاع لم يتخلص من الاحتلال والحصار بعد، انه يتعرض لاحتلال وممارساته عن بعد، ولا يزال مقيداً باتفاقات كامب ديفيد من جهة مصر وباتفاقات أوسلو من داخل القطاع، وزواره يأتون إليه بتنسيق مباشر أو غير مباشر مع سلطات الاحتلال. القرضاوي ووفده جاؤوا بموافقة سلطات الاحتلال. وإذا كان هذا الادعاء غير صحيح فلماذا رفضت سلطات الاحتلال دخول الأمين العام للجهاد الإسلامي د. رمضان شلح؟ 
 بعيداً عن الأسباب السياسية والخلاف السياسي، لم أستوعب صورة تقبيل هنية ليد القرضاوي. ولم أستوعب هذا الطقس القبلي في مراسم يفترض أن يكون الناس فيها أنداداً، ولا يغير من ذلك تدفق مشاعر الحب والمودة
sh

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025