استشهاد اب وأطفاله الثلاثة في قصف الاحتلال مخيم النصيرات    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة ومخيم طولكرم    الاحتلال يشدد من إجراءاته العسكرية شمال الضفة    50 شكوى حول العالم ضد جنود الاحتلال لارتكابهم جرائم في قطاع غزة    دائرة مناهضة الأبارتهايد تشيد بقرار محكمة برازيلية يقضي بإيقاف جندي إسرائيلي    المجلس الوطني يحذر من عواقب تنفيذ الاحتلال قراره بحظر "الأونروا"    14 شهيدا في قصف الاحتلال مناطق عدة من قطاع غزة    16 شهيدا في قصف للاحتلال على وسط قطاع غزة    نادي الأسير: المخاطر على مصير الدكتور أبو صفية تتضاعف بعد نفي الاحتلال وجود سجل يثبت اعتقاله    قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين    الرئيس: الثورة الفلسطينية حررت إرادة شعبنا وآن الأوان لإنجاز هدف تجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. "فتح": الأولوية اليوم وقف حرب الإبادة في قطاع غزة وإعادة توحيدها مع الضفة وتحرير الدولة الفلسطينية من الاحتلال    في ذكرى الانطلاقة.. دبور يضع إكليلا من الزهور باسم الرئيس على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية    الرئاسة تثمن البيان الصادر عن شخصيات اعتبارية من قطاع غزة الذي طالب بعودة القطاع إلى مسؤولية منظمة التحرير    اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني  

اللواء أكرم الرجوب: "فتح" لن تسمح لأي مشروع إقليمي بأن يستحوذ على القرار الوطني

الآن

خمسة وستون عاما من النكبة، خمسة وستون عاما من حلم العودة- د.صبري صيدم

في الخامس عشر من أيار من كل عام، يحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات ذكرى النكبة عام 1948. يحييها بكثير من الألم المتقاطع مع الأمل بالعودة والحرية.
في ذلك العام، تم طرد وتشريد وتهجير نحو 900 ألف فلسطيني من مدنهم وقراهم على أيدي المنظمات الصهونية المسلحة، بتآمر بتواطؤ من الغرب، وبات 66% من الفلسطينيين لاجئون في مخيمات الشتات في الضفة الغربية وقطاع غزة وفي الأردن وسوريا ولبنان. واليوم، يصل عدد هؤلاء اللاجئين الى حوالي 7 مليون لاجئ، منهم 5.1 مليون لاجئ مسجلون لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تقدم لهم ضروريات الحياة.
ولم تقتصر النكبة على تهجير الفلسطينيين، بل شملت أيضا تدمير قراهم وبلداتهم (418 قرية وبلدة)، ومصادرة الغالبية العظمى من اراضيهم، وتأسيس دولة اسرائيل على أنقاضهم، لتفتح ابوابها امام جميع يهود العالم، وتغلقها في وجه اصحابها الذين شردوا في اصقاع الأرض، وعاشوا في بيوت الصفيح.
وتجددت النكبة في عام 1967 عندما شنت اسرائيل عدوانا جديدا على الفلسطينيين، واحتلت ما تبقى من أرضهم، على صغر حجمها (22% من فلسطين التاريخية) و شردت 450 ألف فلسطيني، وحولتهم الى لاجئين جدد في الدول العربية المجاورة، وشرعت في اقامة المستوطنات عليها، وضمت القدس، وأخذت في تهويدها، وفي طرد اهلها.
ورغم ان الفلسطينيين وافقوا على اقامة دولتهم على الاراضي المحتلة عام 67، على صغر حجمها (6 آلاف كليومتر مربع) الا ان اسرائيل واصلت في بناء الحقائق الاسيتطانية على الارض على نحو يحول دون اقامة الدولة الفلسطينية، فاقامت اكثر من 200 مستوطنة يسكنها اكثر من 650 الف مستوطن، وشقت الطرق الخاصة للمستوطنين، وخصصت لهم الحصة الأكبر من المياه والاراضي. ويبين تقرير أخير للجهاز المركزي للاحصاء ان اليهود يسيطرون اليوم على 85% من أرض فلسطين التاريخية البالغة مساحتها 25 الف كيلومتر مربع، ولم يتبقي في يد الفلسطينيين سوى 15 في المئة.
خمسة وستون عاما مضت، وما زالت ذكرى النكبة المريرة راسخة وحية في وجدان وذاكرة الآباء والأجداد، وفي قلوب أبناءهم الذين يواصلون حمل مفاتيح العودة أمانة في اعناقهم، متمسكون بأرضهم وحقوقهم التي سنتها الشرائع الدولية، وفي مقدمتها حق كل لاجئ فلسطيني في العودة الى بيته وممتلكاته، وفق القرار الأممي الشهير 194، والميثاق العالمي لحقوق الانسان الذي ينص على حق كل فرد بالعودة الى أرضه وحرمة الملكية الخاصة التي لا تسقط بالتقادم أو بفرض السيطرة و الاحتلال. فهو حق مقدس لا يخضع للمفاوضة أوالتنازل كونه يمثل جوهر القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني. و لكن اسرائيل، التي تتنكر لقرارت الشرعية الدولية، ما تزال ترفض عودة اللاجئين، وترفض عودة المهجرين الى قراهم ومدنهم رغم انهم يعيشون على مقربة منها مثل اهالي قرى برعم واقرث والبروة ومدن حيفا وعكا وصفد وغيرها.
وترفض اسرائيل كذلك الاعتراف بمسؤوليتها الأخلاقية والقانونية عن هذا الظلم التاريخي الذي الحقته بالفلسطينيين، وفوق ذلك تطالب الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة التي بنيت على ارضهم، وعلى انقاض وجودهم، وركام ذاكرتهم.
ان الرفض الاسرائيلي المطلق لعودة اللاجئين الفلسطينيين يرتبط ارتباطا وثيقا بالهدف الأبرز للحركة الصهيونية المتمثل في اقامة دولة يهودية نقية.
واسرائيل، أيضا، لا تريد الانسحاب الى حدود ال1967، والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة وقابلة للحياة تعيش بجانبها، وتسعى لفرض واقع يعيش فيه الفلسطينيون في دولة كانتونات مقطعة الأوصال، تفصلها الحواجز والمستوطنات الاسرائيلية، بعد مصادرة الأرض، وتهويد القدس.
ان اعتراف اسرائيل بمسؤوليتها في خلق مأساة اللاجئين، ومنعهم من العودة الى ديارهم، لن ينصف اللاجئين الفلسطينيين، لكنه ربما يكون البداية لانهاء الظلم التاريخي الذي لحق بهم. وهو ضرورة ملحة لارساء أسس السلام الحقيقي والشامل الذي لن يتحقق دون تحقيق العدالة للاجئين الفلسطينيين وانهاء حالة التشرد واللجوء الطويلة الأمد والحياة البائسة التي يعيشونها في منافي الشتات.
خمسة وستون عاما، لم تتوقف اسرائيل خلالها عن تكرار النكبة واعادة انتاجها، عبر السياسات والممارسات اليومية على الأرض، من مصادرة الارض، وتهجير اصحابها، وتهويد للقدس، وهدم للمنازل، ومصادرة حق الاقامة، وبناء الجدار، وبناء وتوسيع المستوطنات، تلك الممارسات التي تشكل انتهاكا فاضحا للقانون الدولي والقانون الانساني الدولي، وخصوصا اتفاقية جنيف الرابعة.
ووفقا للتقارير التي توثقها الحركة الاسرائيلية ضد هدم البيوت، فقد هدمت اسرائيل العام الماضي 600 مبنى فلسطيني، من بينها ما لا يقل عن 189 منزلا، وهو ما يشكل جريمة بحق هذا الشعب الأعزل، الذي تحرمه اسرائيل من أبسط حقوقه مثل العيش بحرية وكرامة في أرضه ووطنه. ففي ليلة وضحاها ، وجد حوالي 880 فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال، أنفسهم مشردين بلا مسكن ولامأوى بحجة عدم وجود التراخيص بينما توفر سلطات الاحتلال كافة التسهيلات والامتيازات للمستوطنون وعائلاتهم لامتلاك المنازل المقامة على أراضي سلبت بقوة السلاح من أصحابها.
خمسة وستون عاما وما يزال المجتمع الدولي يقف صامتا ازاء الظلم التاريخي، وازاء الانتهاكات المتواصلة، وعاجزا عن تطبيق قراراته التي تقضي بانهاء الاحتلال، وتحقيق حق اللاجئ الفلسطيني في العودة الى بيته وارضه.
خمسة وستون عاما وما زال المجتمع الدولي يتعامل مع اسرائيل كدولة فوق القانون. فالبرغم من صدور عشرات القرارات للأمم المتحدة حول عدم شرعية الاستيطان وضم القدس، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، والتي بمجملها تدين وتشجب الانتهاكات الاسرائيلية ضد الفلسطينين، وتدعو الى وقف الاستيطان والانسحاب الى حدود 1967، الا انها بقيت حبرا على ورق، محفوظة في الادراج، وبقي هذا المجتمع متردد، بل وعازف عن اتخاذ اية خطوة عملية من شأنها ردع اسرائيل، ووقف سياساتها العنصرية المتواصلة ضد شعب أعزل.
لكن خمسة وستون عاما من اللجوء والتشرد لم تثني الفلسطينيين عن الاصرار على حقهم في العودة الى بيوتهم، وارضهم، وذكرياتهم، وذاكرتهم الجمعية، فاحتفظوا بمفاتيح بيوتهم، وواصلوا توريث الرواية والحلم للاجيال المتلاحقة، جيلا بعد جيل.
خمسة وستون عاما من النكبة المتجددة، قابلها خمسة ستون عاما من الحلم المتجدد بالعودة.
za

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2025