قناة الوسواس الخناس- حافظ البرغوثي
تابعت قليلاً المؤتمر الثاني لحماية الصحفيين في عمان الذي نظمه مركز حماية الصحفيين في الاردن الذي يديره الزميل الناشط نضال منصور وشاركت فيه مجموعات من الاعلاميين العرب والاجانب وفي أول يوم ما إن دخلت القاعة حتى كان على المنصة مجموعة من المتحدثين وكان دور الزميل احمد الشيخ الذي اطنب في التغزل بقناة الجزيرة وعبر عن حبه وعشقه لها مع أن احداً لم يسأله عن خبايا عشقه لها ولم يتهمه احد بخيانتها مع قناة اخرى مثلاً.
وسمعته يقول بعد الاعلان عن تاريخ العشق لقناته ان لها دوراً فيما سماه الثورات العربية لكنه في سياق كلمته عاد وتراجع عن هذه التهمة وقال ان الجزيرة وغيرها لا تخلق ثورات وإنما تعبر عن نبض الشعوب وهكذا، فاحترنا في فهمه فلربما لعبت دوراً في الثورة الفرنسية وكانت تبث من قصر فرساي في ضواحي الدوحة وهي التي ساعدت الاميركيين في ثورتهم ضد الانجليز وروجت للبلاشفة ولينين.
فلم تقم ثورة في التاريخ إلا بفضل قناة الوسواس الخناس، مع ان الواقع يؤكد ان كثيراً من القنوات تمارس الارهاب والعنف وتبث الفتنة والكراهية والفرقة وتحض على القتل وتصوره وكأنه أمر عادي وتروج لممارسته في الدول المستهدفة بالثورات وهذا ما قلناه في مؤتمر الاعلام الذي عقدته جامعة النجاح قبل فترة ودعوت فيه الى محاسبة بعض القنوات والاعلاميين لأنهم شركاء في قتل الابرياء من العرب في تونس وليبيا وسوريا واليمن والعراق وغيرها، بترويجهم للعنف والكراهية مثلهم مثل الانظمة الكريهة التي يدعون معارضتها. فهؤلاء يجب ان يساءلوا عن جرائمهم شر سؤال.
فلا دول تحررت ولا شعوب استقرت، فأحد الزملاء الليبيين كان يتحدث عن بلده وكأن نظام القمع القذافي ما زال موجوداً وتحدث عن قمع الحريات وعن سجون سرية وتعذيب.. الخ، ولعل الاستاذ شعوان جبارين من مؤسسة الحق القانونية هو الوحيد الذي تحدث عن دور بعض وسائل الاعلام والاعلاميين في بث الحقد والكراهية والفتنة.
وعامداً ذلك لم يحاول أحد طرق هذا الموضوع لان كثيراً من الاعلاميين ووسائل الاعلام كصحف وفضائيات يجب ان تساءل عن دورها في سفك الدماء وتدمير هياكل الدول وليس الانظمة القمعية. فواقع الحال العربي صار ان الشعوب تبحث عن أنظمة جديدة وباتت الاوطان تبحث عن شعوب جديدة لأن الانحطاط طال شريحة واسعة من الشعب العربي وليس الانظمة فقط.
فدماء الابرياء على أسنان كثير من الاعلاميين وفي عمامات كثير من رجال الدين أصحاب فتاوى القتل ونكاح الجهاد.