كيري.. معدة حلال وعقل كوشر- فؤاد ابو حجلة
لم يكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يسعى إلى توجيه رسالة سياسية عندما توقف أمام مطعم ومحل حلويات في البيرة ليأكل الشاورما والكنافة النابلسية. كل ما في الأمر أن الوزير الأميركي كان جائعا وأغراه منظر سيخ الشاورما وأغواه منظر الكنافة الساخنة، فقرر تجاوز البروتوكول إكراما لمعدته، وأشاد بمذاق الكنافة من دون أن يتورط في الاعتراف بأن الفلسطينيين شعب له الحق في الحياة في دولة مستقلة.
لم نكن نتوقع من كيري تصريحا سياسيا شجاعا خارجا عن النص الأميركي وهو واقف في محل كنافة فلسطينية، ولا نعرف حتى الآن إن كان الوزير الزائر يعترف بفلسطينية الكنافة أم يعتبرها حلوى يهودية من حق اسرائيل أن تروجها سياحيا مثلما فعلت بالفلافل والحمص.. والثوب الفلسطيني المطرز.
ولا نريد التركيز أكثر مما ينبغي على صحن كنافة بينما يحتل الغرباء صحن الأرض، لكن ما يلفت ويثير ويستفز في مشهد الوزير الأميركي هو استسلام معدته للطعام الفلسطيني ورضوخ عقله للسياسة الاسرائيلية، وهو بذلك يشبه رئيسه ومجموعة صانعي القرار الأميركي الذين يحبون ترابنا وبحرنا وطعامنا وزينا الوطني وثقافتنا وفنوننا ويغضون الطرف عن سرقة اليهود لكل ما نملك بل إنهم يحمون هذا السطو بكل ما أوتوا من سطوة ونفوذ.
ذات حوار عبر الأقمار الصناعية مع مسؤول أميركي في واشنطن كنت وزميلي الكاتب عريب الرنتاوي نشرب القهوة الأميركية في سفارة الولايات المتحدة في عمان وكان المسؤول الذي نحاوره يشرب الشاي العربي في وزارة الخارجية في واشنطن.. لم تختلف الصورة كثيرا فقد كان خطابنا عربيا وكان موقفه اسرائيليا.
لا يتغير الأميركيون أبدا رغم ما يبديه بعضهم من تعاطف معنا، ولا نتوقع أن نجد الحل في شطيرة شاورما أو في صحن كنافة، لأن العقل السياسي الأميركي كان وما يزال ويبدو أنه سيظل «كوشر»، لكن ما نخشاه في خطابات أوباما المقبلة أن يؤكد الرئيس الأميركي أن «لاسرائيل الحق في الدفاع عن كنافتها».