نتنياهو الخائف- حافظ البرغوثي
وصلنا إلى مرحلة القرارات الصعبة بشأن العملية السياسية التي يحاول الوزير الأميركي جون كيري احياءها كما قال في مؤتمره الصحفي بمطار اللد قبل مغادرته، ولعل الوزير الأميركي ما زال على قدر من الأمل في استئناف المفاوضات وهو يديرها على ثلاثة مسارات أمنياً وسياسياً واقتصادياًَ، وحتى الآن لم يقل الإسرائيليون كلاماً محدداً إلا ما يردده نتنياهو منذ سنوات، وهو استعداده للمفاوضات دون شروط وحتى دون شرط حل الدولتين وكأنه يعشق الفن من أجل الفن والتفاوض من أجل التفاوض ليس إلا.
نتنياهو ما زال يخشى المفاوضات فعلياً؛ لأنه يعرف أنه سيضطر إلى التأدب وهجر قلة الأدب الاحتلالية أي وقف الاستيطان ووقف العدوان ووقف الانتهاكات والممارسات اليومية للمستوطنين ووقف كل ما من شأنه تعكير مناخ التفاوض، وهو يعلم مسبقاً أن مصير كل زعيم إسرائيلي يحاول التوصل إلى اتفاق سلام ينتظره مجهول، فإسحق رابين بطل الخطوة الأولى في عملية السلام لقي حتفه برصاص إسرائيلي عندما اقتنع بحتمية اقامة دولة فلسطينية..
وبيريس سقط انتخابياً بعد عمليات تفجيرية توافق فيها مصلحيا اليمين الفلسطيني المعادي لاوسلو مع اليمين الاسرائيلي, وباراك لم يجرؤ على المضي قدماً فتلاشى بعد كامب ديفيد، اما أرئيل شارون الذي أمضى عمره يقتل ويدمر ويسفك الدم استنتج في النهاية أن العنف لا يجلب الأمن لإسرائيل وسمى الامور باسمها عندما تحدث عن الاحتلال في آخر ندوة له، فقرر هجران حزب الليكود وتشكيل حزب كاديما بمشروع للسلام فسقط في غيبوبة من ابرة غامضة حتى الآن, اما ايهود اولمرت فكان على وشك انجاز الاتفاق التاريخي فتم تدبير فضيحة فساد له لعرقلته وثبتت براءته منها لاحقا..
ولهذا نرى نتنياهو كأنما يستعرض مصير اسلافه ممن حاولوا التقدم في مسيرة السلام ولهذا لا يبدو مستعداً للتقدم حتى لا تعاجله فضيحة او ابرة او رصاصة لذا يتمترس وراء عبارات مبهمة والحديث العلني عن المفاوضات والسري عن نقيضها لكن غياب السلام وإن كان سيطيل عمره سياسياً كداعية استيطان لكنه لن يطيل عمر اسرائيل كدولة معرضة للصواريخ وكل التهديدات في غياب السلام. فالمنطقة وشعوبها حبلى بالمعجزات التي يجهلها الطارئون على المنطقة.