سرقة الماء والنفط والدم- حافظ البرغوثي
في السنوات الاخيرة قبل وبعد التغيير ظلت مصر غافلة عما يجري بين دول حوض النيل حتى جرى التوافق بين دولة باستثناء مصر والسودان على اعادة تقسيم مياه النهر واقامة مشاريع حيوية وسدود على طول مجراه دون الالتفات الى الاحتجاجات المصرية والسودانية. فالنظام المصري السابق كان منهمكا في تقاسم الثروة وتوريث الحكم والنظام الحالي ما زال مشغولا بتوريث الاخوان للحزب الوطني السابق وقادة الاخوان لمفاتيح الحكم ورجال اعمالهم لمشاريع رجال العهد السابق.
اما السودان فانشغل النظام في الحصول على حسن سلوك غربي بالتنازل عن اكثر من ثلث السودان لاقامة دولة جنوب السودان وما زال يتنازل لحماية نفسه وليس لحماية السودان رافعا شعار تطبيق الشريعة وكأن الشريعة تحض على التفريط بالارض وقتل السودانيين في دار فور وجنوب كردفان، وهكذا تجاهل الجميع أن السودان ومصر هما هبتا النيل وأن تناقص حصة البلدين من نهر النيل سيعيدها الى التصحر والعطش. فلا يمكن تصور مصر اساسا بلا نيل فهو قضية حياة او موت.
ولعل انفراد الدول الافريقية باقامة مشاريع دون اطلاع السودان ومصر على آثارها حول مستقبل مياه النيل يعني شطب الدولتين لانهما لم تعدا مؤثرتين باعتبار ان الاولوية عندهما حماية النظامين الحاكمين وليس حماية البلدين.
ولعل هذا هو الذي جعل اثيوبيا تمضي قدما في مشروع سد النهضة دون اطلاع مصر على تفاصيله وآثاره.
فالوضع العربي كما يبدو يعاني من تصحر سياسي تحت مسمى الربيع، فالمياه تسرق والنفط كذلك والدم يسفك، وسنعوي في الصحراء بلا نفط وماء ومأوى.