تركيا على مفترق طرق ..عادل عبد الرحمن
الاحتجاجات المشتعلة منذ عشرة ايام خلت في المدن التركية، التي كانت شرارتها الاولى من ميدان تقسيم، الذي شاء رجب طيب اردوغان، رئيس الوزراء إعادته الى ما كان عليه قبل اكثر من اربعين عاما / ثكنة عثمانية/ او وفق ما يشيعه العثمانيون الجدد / سوق شعبي او متحف/ بدل الحديقة القائمة الان، تلك الاحتجاجات فلتت من عقالها، ولم تعد مطالب المتظاهرين تقتصر على الحؤول دون تغيير معالم الميدان، بل بلغت مداها بالمطالبة باستقالة رئيس الحكومة واجراء إنتخابات مبكرة بعدما تمادت اجهزة الامن التركية في تصديها للمتظاهرين واوقعت في صفوفهم المئات من الجرحى والاصابات، بالاضافة لما يزيد على الف معتقل جزء مهم منهم من الاعلاميين.
ولم تكن اسباب الاحتجاجات الشعبية تقتصر على الصراعات الداخلية السياسية والاجتماعية والثقافية، بل لها اسبابها الخارجية، حيث فشل اردوغان في تسويق نفسه اميركيا وإسرائيليا واوروبيا ولا حتى عربيا بالمعنى الدقيق للكلمة. ووفق المؤشرات الموضوعية لتطور الاحداث خلال سنوات الربيع العربي، والعلاقات التركية / الاسرائيلية، والاميركية / التركية، فإن الرهان على الدور التركي تراجع بشكل ملحوظ، ولعل تنامي وتوافق السياسات الاميركية والروسية على معالجة الملف السوري، رغم التباين بين القطبين يؤكد ذلك، وفشل زيارة اردوغان الاخيرة لاميركا ايضا مؤشر إضافي على طول الباع الخارجي في إنفجار المظاهرات ضد حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان.
أحد عشر عاما من الاستقرار السياسي، والفوز في ثلاث دورات انتخابية سابقة لممثلي حزب العدالة والتنمية، والنمو الاقتصادي، الذي شهده الاقتصاد التركي بلغ عامي 2010 و2011 الى 8% لم يحم العثمانيين الجدد، الذين تمادوا في السنتين الاخيرتين في توجهاتهم الاسلاموية، حيث باتوا يسنوا القوانين ذات الطابع الاسلاموي على النساء، كمنع المضيفات في شركة الطيران التركية وضع الروج على شفاههن، ومنع بيع الخمور في ساعات واماكن محددة، وتعميم الحجاب ... إلخ من الاجراءات التي تعكس النزعة الاردوغانية لتعميم وتعميق توجهاته الاخوانية، وبالتالي إلتفافه على الديمقراطية والحريات الاجتماعية والشخصية، فضلا عن صراعه الضاري ضد مؤسسة الجيش والقضاء على حد سواء.
الاحتجاجات المتنامية يوما تلو الآخر في الاراضي التركية، التي افقدت رئيس الوزراء صبره، حتى بات يلوح بالعصا الغليظة في مواجهة المتظاهرين من خلال دعوة انصاره للنزول للشارع للرد عليهم، وتحديهم، لاعادة الاعتبار للذات المهزوزة، ولاقناع انصاره، ان ما يجري "ليس أكثر من زوبعة في فنجان!" او كما يحلو لاردوغان وصف معارضيه بانهم "فوضويين" و"متمردين" وغيرها من الالفاظ التحريضية والتصغيرية من شأنهم، فرضت على رئيس بلدية استنبول، ونائب رئيس الوزراء وعلى المؤسسة الحاكمة التراجع النسبي عن هدفها، وبات لسان حالهم يقول يمكن إعادة النظر بالمشروع، كما يمكن ايجاد قواسم مشتركة مع مطالب المحتجين، حتى القوانين الاسلامية الاخيرة يمكن التراجع عنها. مما يدلل على ان صراخ اردوغان، لم يكن سوى صراخ المفزوع والمرعوب من تداعيات التظاهرات، التي عمت المدن التركية المختلفة، ولم تقتصر على استنبول وانقرة وازمير.
تركيا اردوغان بعد عقد من الحكم، كشفت عن عدم قدرتها على مواصلة الحكم بطريقة النفاق والخداع السياسي والديني، فهي اولا كشفت عن عدم تمكنها من مواصلة إستراتيجية احمد دواد اوغلو منظر المجموعة الحاكمة، وزير الخارجية، التي دعت إلى الاستراتيجية صفر، ومفادها تصفير الخلافات مع دول الجوار والعالم على حد سواء، لان المتابع للدور التركي، يلحظ ان المجموعة الحاكمة غارقة في حروب الاقليم وربيع الثورات العربية، ولم تصفِ مشاكلها التاريخية مع دول الاقليم في شبة جزيرة البلقان، ولم تتمكن من تحسين صورة تركيا لدى دول الاتحاد الاوروبي، وعمليا فشلت في تصنيف مكانتها كدولة اوروبية، ولم تتمكن من ان تلعب حتى الان، رغم المحاولات المتكررة للقيادة الحالية، دور القطب السني المرغوب به (العثمانية الجديدة) في المنطقة، وهي غير قادرة على الدخول في مواجهة مع ايران وفق المشيئة الاميركية الاسرائيلية؛ وثانيا حزب العدالة والتنمية فاقم من حدة الخلافات والتناقضات مع قوى الداخل التركي نتيجة الغرور، الذي اصاب رئيس الوزراء ومجموعته الحاكمة، حتى ان الاحداث والتطورات الاخيرة دفعت بالتناقضات داخل صفوف القيادة الحاكمة، وهو ما عكستة المصادر الاعلامية التركية عن تنامي التناقض بين عبدالله غول واردوغان.
تركيا شاء اردوغان ام ابى على مفترق طرق صعب، وقد تشهد صيفا حارا جدا وبشكل مبكر، يفتح الافق على كل السيناريوهات بما في ذلك إستقالة رئيس الحكومة وتقديم موعد الانتخابات. ولكن من السابق لاوانه الجزم بالسيناريو الذي ستأخذه الاحداث. غير ان ميدان تقسيم عمق إنقسام الشارع التركي، وفتح فوهة البركان في وجه اردوغان.
haولم تكن اسباب الاحتجاجات الشعبية تقتصر على الصراعات الداخلية السياسية والاجتماعية والثقافية، بل لها اسبابها الخارجية، حيث فشل اردوغان في تسويق نفسه اميركيا وإسرائيليا واوروبيا ولا حتى عربيا بالمعنى الدقيق للكلمة. ووفق المؤشرات الموضوعية لتطور الاحداث خلال سنوات الربيع العربي، والعلاقات التركية / الاسرائيلية، والاميركية / التركية، فإن الرهان على الدور التركي تراجع بشكل ملحوظ، ولعل تنامي وتوافق السياسات الاميركية والروسية على معالجة الملف السوري، رغم التباين بين القطبين يؤكد ذلك، وفشل زيارة اردوغان الاخيرة لاميركا ايضا مؤشر إضافي على طول الباع الخارجي في إنفجار المظاهرات ضد حكم حزب العدالة والتنمية بزعامة اردوغان.
أحد عشر عاما من الاستقرار السياسي، والفوز في ثلاث دورات انتخابية سابقة لممثلي حزب العدالة والتنمية، والنمو الاقتصادي، الذي شهده الاقتصاد التركي بلغ عامي 2010 و2011 الى 8% لم يحم العثمانيين الجدد، الذين تمادوا في السنتين الاخيرتين في توجهاتهم الاسلاموية، حيث باتوا يسنوا القوانين ذات الطابع الاسلاموي على النساء، كمنع المضيفات في شركة الطيران التركية وضع الروج على شفاههن، ومنع بيع الخمور في ساعات واماكن محددة، وتعميم الحجاب ... إلخ من الاجراءات التي تعكس النزعة الاردوغانية لتعميم وتعميق توجهاته الاخوانية، وبالتالي إلتفافه على الديمقراطية والحريات الاجتماعية والشخصية، فضلا عن صراعه الضاري ضد مؤسسة الجيش والقضاء على حد سواء.
الاحتجاجات المتنامية يوما تلو الآخر في الاراضي التركية، التي افقدت رئيس الوزراء صبره، حتى بات يلوح بالعصا الغليظة في مواجهة المتظاهرين من خلال دعوة انصاره للنزول للشارع للرد عليهم، وتحديهم، لاعادة الاعتبار للذات المهزوزة، ولاقناع انصاره، ان ما يجري "ليس أكثر من زوبعة في فنجان!" او كما يحلو لاردوغان وصف معارضيه بانهم "فوضويين" و"متمردين" وغيرها من الالفاظ التحريضية والتصغيرية من شأنهم، فرضت على رئيس بلدية استنبول، ونائب رئيس الوزراء وعلى المؤسسة الحاكمة التراجع النسبي عن هدفها، وبات لسان حالهم يقول يمكن إعادة النظر بالمشروع، كما يمكن ايجاد قواسم مشتركة مع مطالب المحتجين، حتى القوانين الاسلامية الاخيرة يمكن التراجع عنها. مما يدلل على ان صراخ اردوغان، لم يكن سوى صراخ المفزوع والمرعوب من تداعيات التظاهرات، التي عمت المدن التركية المختلفة، ولم تقتصر على استنبول وانقرة وازمير.
تركيا اردوغان بعد عقد من الحكم، كشفت عن عدم قدرتها على مواصلة الحكم بطريقة النفاق والخداع السياسي والديني، فهي اولا كشفت عن عدم تمكنها من مواصلة إستراتيجية احمد دواد اوغلو منظر المجموعة الحاكمة، وزير الخارجية، التي دعت إلى الاستراتيجية صفر، ومفادها تصفير الخلافات مع دول الجوار والعالم على حد سواء، لان المتابع للدور التركي، يلحظ ان المجموعة الحاكمة غارقة في حروب الاقليم وربيع الثورات العربية، ولم تصفِ مشاكلها التاريخية مع دول الاقليم في شبة جزيرة البلقان، ولم تتمكن من تحسين صورة تركيا لدى دول الاتحاد الاوروبي، وعمليا فشلت في تصنيف مكانتها كدولة اوروبية، ولم تتمكن من ان تلعب حتى الان، رغم المحاولات المتكررة للقيادة الحالية، دور القطب السني المرغوب به (العثمانية الجديدة) في المنطقة، وهي غير قادرة على الدخول في مواجهة مع ايران وفق المشيئة الاميركية الاسرائيلية؛ وثانيا حزب العدالة والتنمية فاقم من حدة الخلافات والتناقضات مع قوى الداخل التركي نتيجة الغرور، الذي اصاب رئيس الوزراء ومجموعته الحاكمة، حتى ان الاحداث والتطورات الاخيرة دفعت بالتناقضات داخل صفوف القيادة الحاكمة، وهو ما عكستة المصادر الاعلامية التركية عن تنامي التناقض بين عبدالله غول واردوغان.
تركيا شاء اردوغان ام ابى على مفترق طرق صعب، وقد تشهد صيفا حارا جدا وبشكل مبكر، يفتح الافق على كل السيناريوهات بما في ذلك إستقالة رئيس الحكومة وتقديم موعد الانتخابات. ولكن من السابق لاوانه الجزم بالسيناريو الذي ستأخذه الاحداث. غير ان ميدان تقسيم عمق إنقسام الشارع التركي، وفتح فوهة البركان في وجه اردوغان.