دانون يعمق يادلين- عادل عبد الرحمن
اعلن داني دانون، نائب وزير الجيش الاسرائيلي، رفضه لاقامة الدولة الفلسطينية؛ واضاف ان مستقبل الفلسطينيين سيتم بحثه مع الاردن ومصر، لأن معظم الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 يجب ان تبقى تحت السيطرة الاسرائيلية!
وزير الحرب موشي يعلون تحفظ على اللغة المباشرة لنائبه، ولم يرفض جوهر ما اعلنه. وذلك خشية تأثير ما طرحه دانون على السياسة الالتفافية، التي تنتهجها حكومته لتضليل الادارة الاميركية ووزير خارجيتها، الذي من المفترض ان يقوم بزيارة المنطقة للمرة الخامسة للقاء المسؤولين الفلسطينيين والاسرائيليين لاحداث اختراق في الاستعصاء الاسرائيلي، هذا إذا افترض المرء، ان الادارة الاميركية ليست مطلة على عمق السياسات الاسرائيلية.
لكن رئيس وزراء إسرائيل ذهب نحو ما يرمي اليه عضو إئتلاف "الليكود بيتنا"، عندما أكد امس، ان الاستيطان في القدس والكتل الاستيطانية الكبيرة مستمر، ولن يتوقف؛ وتسلح نتنياهو بالموقف الاميركي، عندما قال ان الولايات المتحدة لم تطلب منا وقف الاستيطان في الكتل. وهو ما يشير الى ان القيادة الاسرائيلية تتجه بخطى حثيثة نحو إغلاق اي بصيص امل لفتح اية نوافذ مهما كانت صغيرة في عملية السلام.
ولعل ما اكده دانون يشير بشكل واضح الى الآتي: أولاً لا للدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ ثانيا العمل على قدم وساق على ضم الاغوار والقدس الشرقية، عاصمة الدولة الفلسطينية كليا؛ ثالثا اسقاط دور القيادة الشرعية، قيادة منظمة التحرير وتحديدا دور الرئيس محمود عباس؛ رابعا طبعا شطب كلي لحق العودة للاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194؛ خامسا القاء عبء ما تبقى من الفلسطينيين على كل من الاردن ومصر، وهو يعني عودة الامور الى ما كانت عليه قبل حرب حزيران عام 1967، وبشكل مشوه؛ سادسا قد يتم الدفع بخيار "غزة الكبرى" مشروع جونسون ? عميدرور، وفي الضفة مشروع "روابط القرى" .
هذه الاستنتاجات كان عاموس يادلين، رئيس الاستخبارات السابق، رئيس معهد الامن الوطني الاستراتيجي، صاغها بطريقة أكثر تهذيبا ولباقة مع احد القيادات الفلسطينية عام 2009، وهو في موقع صناعة القرار، حيث ابلغ محدثه الفلسطيني، إن شئتم السلام وبلوغ التسوية عليكم أولا ان تتوحدوا مع غزة، لأن استمرار الواقع الحالي لا يساعد على البحث في عملية السلام؛ ثانيا لا عودة لحدود الرابع من حزيران 1967، وكل التلال والمرتفعات الغربية الشمالية من الضفة ستبقى في اليد الاسرائيلية؛ ثالثا لا عودة للاغوار لمدة اربعين عاما؛ لا عودة للقدس؛ رابعا لا وجود لقوات دولية، لأن الضامن للامن الاسرائيلي، هو جيش إسرائيل. طبعا موضوع اللاجئين محسوم بالنسبة لهم، إضافة لموضوع الاعتراف من قبل القيادة الفلسطينية بـ"يهودية" الدولة الاسرائيلية.
وطلب عاموس، رجل الامن الاقوى سابقا إبلاغ الرئيس ابو مازن فحوى ما ابلغه للمسؤول الفلسطيني؛ مشيرا له ان بنيامين نتنياهو على علم بما ابلغك اياه. وبالتالي ما أنطق به ليس موقفا شخصيا خاصا، بل هو موقف المؤسسة الرسمية الاسرائيلية. وحين سمع رأس الشرعية الفلسطينية اقوال رئيس جهاز الاستخبارات الاسرائيلي، قال: هو اوضح موقف للقيادة الاسرائيلية.
وعود على بدء، فإن ما اشار له داني دانون، ليس جديدا، ولا يعكس موقفه الشخصي، وان وجد تباين في التفاصيل، غير ان جوهر الموقف الاسرائيلي واحد، لا للدولة الفلسطينية، ولا للعودة لحدود الرابع من حزيران ولا للقيادة ولمنظمة التحرير الفلسطينية، لأن اي قائد وطني لا يمكن ان يقبل بمنطق يادلين او نتنياهو او ليبرمان او بينت. وبالتالي منطق الامور يشير بشكل واضح الى التوجه نحو الاصطدام بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، والولايات المتحدة لن تتمكن من اتخاذ قرار للي ذراع إسرائيل لاكثر من اعتبار وسبب له علاقة بطبيعة العلاقات الاستراتيجية والمهمات الموكلة لاسرائيل في الاستراتيجية الاميركية المنظورة مع التحولات الدراماتيكية في دول المنطقة العربية. والاتحاد الاوروبي حتى الآن ما زال غير مهيأ لاتخاذ إجراءات رادعة لخيار الحكومة الاسرائيلية، والعرب لن يكونوا في وضع يسمح لهم باتخاذ اي موقف سلبي ضد إسرائيل. الامر الذي يفرض على القيادة الفلسطينية وضع خطط وسيناريوهات المواجهة للتحديات الاسرائيلية الماثلة والقادمة، لأن كيري لا يملك عصا سحرية، وحدود امكانياته اضعف من ان يحدث اي اختراق قادم في جدار الحرب والعدوان والاستيطان الاسرائيلي.