وكأنه لم يبق لدينا الا محمد عساف - رسمي ابو علي
لا أهدف الى النيل من محمد عساف كما يمكن أن يوحي عنوان هذا المقال، بل على العكس تماما فأنا لا أتردد في القول بأنني أحب هذا الشاب الفلسطيني الاسمر من مخيم خان يونس – هذا الفنان الوسيم الواثق تماما من نفسه والجاهز في كل لحظة لأداء جميع الألوان الغنائية، الشعبية والطربية والعاطفية، بكل مرونة واقتدار وطلاقة.
وخلال زيارتي الاخيرة لرام الله قبل حوالي شهر، لاحظت أن محلات الفيديو والسي دي وبعض المقاهي تذيع أغاني لهذا الشاب وهي الأغاني التي قام بأدائها على مسرح الاراب ايدول الذائع الصيت – وهذا يدل على مدى الشعبية الكاسحة التي يحظى بها هذا الشاب في أوساط الشعب الفلسطيني والتي توجه رجل المال والاعمال منيب المصري والذي حضر إحدى حلقات البرنامج من ناحية، وأوعز لعدد من البنوك والشركات في فلسطين بدعم هذا الشاب بكل الوسائل. وهذه المبادرة نسجلها باحترام للسيد المصري والذي يبدو أنه التقط هذه اللحظة المميزة من تاريخنا الفلسطيني ليدعم الجانب الابداعي في شعبنا باعتبار أنه أصبح الدعم الأكثر فائدة واكثر ذكاء وبلا خسائر تذكر، ولا يفوتنا هنا أن نذكر بأن الرئيس أبو مازن كان أول مسؤول فلسطيني أبدى اعجابه بهذا الشاب ودعا الى دعمه بكل الوسائل.
وكأنه أصبح رجل الساعة.. وكأنه أصبح الرهان الوحيد لنا لتحقيق انتصار ما، ولو كان غنائيا..
ولا بأس في ذلك ففي أكثر من مقال سابق اجتهدت في أن أسمي هذه المرحلة بمرحلة ما بعد الكفاح المسلح والتي بدأت منذ سنين ورغم أنها تخرق من اسرائيل في غزة بين حين وآخر.. غير أن هذا استثناء ودفاع عن النفس وليس مبادرة أو نهجا من قبل المدافعين في غزة. والحقيقة أن الرئيس أبو مازن هو من يجسد ويمثل هذه المرحلة بشخصه وسياسته وادائه.منذ نقل الصورة الفلسطينية من حال الى حال مختلف تماما، زعيمنا الراحل بكوفيته ومسدسه وطلته الحربية المقاتلة أبو عمار كان يمثل مرحلة الكفاح المسلح حيث انطبعت هذه الصورة في ذهن الرأي العام العالمي طويلا..
أبو مازن يمثل الصورة النقيضة.. الرجل ذو الطلة المدنية العصرية ببدلة ورباط عنق وشعر لا يزال جذابا رغم تقدمه النسبي في السن.
انها مراحل – والأولى قادت الى الثانية فليس مطلوبا منا أن نواصل «الطخ» الى ما لانهاية لاننا «طخينا» بما يكفي –وحان الوقت أن نشهر الوجه الآخر للفلسطيني الجميل – الوجه الابداعي الانساني..
ومحمد عساف هو وجهنا الآن.. وهو وجه جميل يضاف الى وجوه عشرات الفنانين والكتاب والمبدعين.. الذين يمثلون وجه فلسطين الحضاري..
ولا يقودنا هذا الى نتائج سياسية ملموسة.. لكن الطريق سوف يقودنا الى خسائر لم يعد الشعب الفلسطيني قادرا على تحملها، فقد بقي لديه أقل القليل، وما من عاقل يجدر به أن يقامر بهذا القليل.
اننا في ممر الماراثون مرة أخرى.. وعلينا أن نحافظ على ما تبقى وأن ننتظر بصبر لا ينفدما تأتي به الرياح.
قوة الإبداع الإنساني والقوة الأخلاقية للقضية والصبر المديد والحفاظ على ما تبقى بانتظار التطورات هي عدتنا في هذه المرحلة العصيبة.
عمان/ في 14-06-2013
Rasmiabuali@hotmail.com