أيها الانقلابيون: ارفعوا ايديكم عن المسيحيين- عادل عبد الرحمن
منذ دق الانقلاب الحمساوي إسفينه الاول في وحدة الارض والشعب والنظام السياسي الديمقراطي، وأحدث تمزقا افقيا وعاموديا في نسيج الشعب، والفلسطينيون عموما واتباع الديانة المسيحية خصوصا يدفعون الاتاوة والضريبة مضاعفة لسياسات وانتهاكات وارهاب قيادة الانقلاب على الشرعية قبل اعوام ستة خلت.
لم تتوقف آلة التخريب الانقلابية لحظة عن ممارسة ابشع اشكال التنكيل بابناء الطوائف والمذاهب المسيحية في محافظات الجنوب (قطاع غزة) تحت ذرائع وحجج واهية، وباسماء وعناوين مختلفة، فمن اختطاف وقتل الشهيد رامي عياد، إلى حرق جمعية الشبان المسيحية؛ الى قصف دير اللاتين في حي الزيتون، إلى اختطاف سيدة وبناتها الثلاث من بيتهم، والادعاء بان السيدة أسلمت، إلى اختطاف شاب من بين ذويه وإرغامه على التأسلم، .... واخيرا إلى منع التلاميذ من ابناء الشعب أتباع الديانة الاسلامية من الدراسة في المدارس المسيحية الخمس، فضلا عن فرض قانون الجور والقهر الذي اصدرته قيادة الانقلاب على تلك المدارس، القاضي بفصل التلاميذ من الجنسين من سن التاسعة عن بعضهم البعض، وإلزام إدارة المدارس بناء أبنية جديدة لتطبيق عملية فصل المدرسين والمدرسات عن بعضهم، وايضا لاستيعاب التلاميذ من الجنسين .. والحبل على الجرار.
النتيجة الماثلة امام الجميع هي انخفاض نسبة تواجد اتباع الديانة المسيحية من خمسة آلاف مواطن إلى حوالي 1300 مواطن. وهذا العدد يميل الى الانخفاض يوميا، فكل مواطن تلوح له في الافق إمكانية الهروب من جهنم الانقلاب الحمساوي مسلما ام مسيحيا لا يتردد لحظة، ولا يصل القطاع سوى المنكوبين من ابناء الشعب الفلسطيني في سوريا او لبنان او من دول الشتات، الذين ضاقت بهم سبل العيش بالحد الادنى الممكن.
كان احد قادة الانقلاب الحمساوي بعد قصف دير اللاتين في حي الزيتون، قال للاب مانويل مسلم: كم عدد المسيحيين في القطاع ؟ أياً كان عددهم، لن يبقى منهم احد بعد عشرين عاما، ومن يبقى عليه ان يتبع الدين الاسلامي!؟ وما يجري على الارض، هو تطبيق منهجي لتلك السياسة التدميرية للنسيج الوطني بدياناته وقطاعاته وتلاوينه المختلفة.
بلد السيد المسيح، بلد الكنائس الثلاث الأم للمسيحية : المهد والبشارة والقيامة، تعيش لحظة فارقة في تاريخها نتيجة ممارسات وارهاب جماعة الاخوان المسلمين، الذين يريدون تطبيق نظام الخلافة في زمن لا يقبل القسمة على اي خلافة لا دينية ولا عائلية ولا حزبية. هذه السياسة، وهذا التصرف الاخواني الانقلابي يتم في وضح النهار، وعلى مرأى من الوطنيين جميعا، ولا احد ينبس ببنت شفة؟ لماذا؟ والى متى؟ وكيف يمكن للقوى المدعية والمتأبطة للديمقراطية والتعددية وحرية الرأي والرأي الآخر والتعبير، والتي ترفض التمييز على اساس الجنس او اللون او الدين او العرق، والمدعية الدفاع عن دولة المواطنة، المؤصلة للهوية الوطنية، كيف لها ان تصمت على جرائم حركة حماس؟ واين هي المبدئية في مواقفها؟ واين هي خلفيتها الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية؟ وإلى متى يمكن لارهاب حركة حماس ان يستمر ويجلد تلك القوى صباح مساء؟ والى متى تبقى حركة فتح خرساء مفككة ومضعضعة امام بلطجة الانقلابيين؟ والى متى القيادة السياسية تبقى تنظر بعيون مفتوحة على المجهول دون ان تحرك ساكنا؟ وهل المصالحة يمكن ان تتم باستجداء حركة الانقلاب الحمساوية وقواها المتنفذة ؟
آن الأوان لنهوض الشارع الفلسطيني والقوى السياسية من مختلف الوان الطيف السياسي والاجتماعي والثقافي في محافظات الجنوب (القطاع) للرد على انتهاكات وارهاب حركة الانقلاب الحمساوي، تلك الحركة، التي شكلت قوات خاصة قوامها (600) عضو لحماية أمن إسرائيل تنفيذا لاتفاق الهدنة، الذي رعته جمهورية مصر العربية في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وحماية النسيج الوطني الواحد الموحد، وحماية الهوية الوطنية من التبعثر والتمزق نتاج تلك السياسات التخريبية، التي ينفذها الانقلابيون بخفة تتناقض مع ابسط ملامح الهوية والشخصية الوطنية الفلسطينية.
لا مجال للصمت والتلكؤ والتساوق مع حركة الانقلاب الحمساوية، لأن من يصمت ويتساوق تحت حجج وذرائع واهية، هو شريك مع قيادة الانقلاب الحمساوي في تمزيق وحدة الارض والشعب والنظام السياسي التعددي، ومعاد من حيث يدري او لا يدري للهوية الوطنية وللاهداف والمصالح العليا للشعب.
المسيحيون الفلسطينيون جزء اصيل من الشعب، لا يجوز لكائن من كان التطاول عليهم وعلى ممارستهم لطقوسهم الدينية، كما السمرة في جبل جرزيم وغيرهم من اتباع الديانات والمعتقدات المختلفة. والاعتداء على اي مواطن بغض النظر عن دياناته او معتقده الوضعي، هو خارج عن وحدة الصف الوطني، ولا يمثل الا نفسه. وفلسطين لن تكون يوما دولة خلافة، ولا مصر ولا العراق ولا سوريا. وآن الأوان لوثيقة عصرية جديدة تعزز وحدة الارض والشعب، وثيقة المواطنة والدولة لكل مواطنيها بغض النظر عن معتقداتهم.