نعم للاسلام ولا للاخوان- يحيى رباح
الدعوات الى المصالحة مع الاخوان المسلمين، تحت عنوان المصالحة الوطنية، التي تطلق الان في الشارع السياسي المصري بنوع من البراءة، او السذاجة او السطحية، لن يكون مصيرها افضل من دعوات المصالحة التي سادت الشارع السياسي الفلسطيني في اعقاب الانتخابات الفلسطينية التي جرت في الخامس والعشرين من يناير 2006، والتي فازت فيها حماس باغلبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني بسبب تفتت المنافسين لها، ولكن بحمد الله فان ذلك الفوز وقتها لم يصل الى مستوى الثلثين وبالتالي فان حماس لم تستطع من خلال المجلس التشريعي (برلمان السلطة الوطنية ) ان تغير القوانين ذات الطبيعة الدستورية، والا لحدثت كارثة كبرى باسم الديمقراطية الشكلية، وهكذا انفجرت المشاكل تحت بند التمكين والهيمنة ولقد نجحت المملكة العربية السعودية باستضافة لقاءات فلسطينية ادت الى اتفاق مكة الذي تشكلت بموجبه حكومة وحدة وطنية لقيادة حماس في ربيع 2007، ولكن سرعان ما نفذت حماس انقلابها العسكري وحدث الانقسام، ومن يومها ونحن نحاول ولكن المصالحة مع حماس ظلت بعيدة بعد السماء عن الارض.
لماذا؟
هذا السؤال طرح الاف المرات خلال ما يزيد على ست سنوات، لماذا لم تتحقق المصالحة؟ لماذا لم يمت الانقسام؟
طرح هذا السؤال الاف المرات في المقالات والابحاث والمناظرات السياسية وفي لفاءات الوفود وعلى السنة وسطاء من كل الالوان، ولكن السؤال ظل معلقا في الهواء، والانقسام ظل ينتج نفسه كل يوم بطرق واشكال غاية في القسوة والشذوذ.
أذكر في هذا المجال انني شاركت في العديد من الندوات السياسية التي كان يطرح خلالها نماذج لشعوب ودول انقسمت ثم توحدت من جديد، نماذج في الشرق والغرب، نماذج فيها عناصر طائفية حادة وعناصر عرقية حادة ورغم ذلك لقد نجح المتحاورون في نهاية المطاف الى التغلب على انقسامهم وبناء المصالحة من جديد، بينما في حالتنا الفلسطينية لا يوجد اية عناصر طائفية او عرقية، فلماذا النموذج الفلسطيني متعثر بينما نماذج اكثر خطورة وتعقيدا نجحت في تخطي الانقسام؟
والجواب واضح مثل سطوع الشمس، وهو ان الاخوان المسلمين الفلسطينيين (حركة حماس )، ومن ورائهم الاخوان المسلمون في المنطقة ومن ورائهم التنظيم الدولي للاخوان المسلمين في العالم يشكلون الطرف الثاني، كل الشعب الفلسطيني طرف بينا الاخوان هم الطرف الاخر !!!
وهؤلاء منذ البداية، منذالخلية الاولى، اعلنوا ويعلنون انهم ضد الوطن، ضد الهوية الوطنية والهوية الوطنية ضد الاسلام الذي يعتنقه الجميع بينما هم لهم اسلامهم الذي يحتكرون فهمه وتطبيقه على طريقتهم.
وبالتالي فان كل محادثات وحوارات ومفاوضات المصالحة تفشل قبل ان تبدا، لانه مهما كانت المعايير التي يجري على اساسها الحوار من اجل المصالحة، فان الاخوان المسلمين لا يعترفون مطلقا بهذه المعايير، لانهم منذ البداية عندما اطلقوا على انفسهم اسم الاخوان المسلمين فقد انفصلوا وانقسموا عن الاسلام نفسه وعن الامة كلها وعن الشعب بكافة شرائحه.
وفي تجربتنا الفلسطينية، وهي تجربة تصلح نموذجا للدراسة، بحت اصواتنا ونحن نتحدث عن الاحتلال الاسرائيلي الذي لا يجوز ان ننقسم تحت سقفه، اكتشفنا ما هو موجود في الاصل في جينات الاخوان المسلمين، بانهم لا يعترفون بهذا المنطق كله !!!
هل كان احدكم يتوقع قبل هذا الانكشاف الكبير ان يقوم الاخوان علنا ومن فوق المنابر بطلب العون من أميركا، ومن حلف الناتو، ومن الشيطان نفسه ضد دولهم وشعوبهم وامتهم؟
وهل كان احدكم يتخيل ان يعلن الاخوان المسلمون في فلسطين وفي مصر الان ان العدو الصهيوني ليس هو الاولوية الآن، وان القدس ليست الاولوية الان، وان ميدان رابعة العدوية حيث يتجمعون تكتب فيه اليافطات باللغة الانجليزية وتلقى فيه الخطب باللغة الانجليزية امام حشود بائسة تشحن من الارياف بالحافلات غالبيتها من الاميين، اي ان اليافطات والخطب باللغة الانجليزية ليست موجهة لهم بل موجهة لأميركا وللاعلام الغربي لعل هؤلاء يأتون ويحتلون مصر ويدمرون جيشها العظيم وبالتالي يعود محمد المرسي ومعه الاخوان الى قصر الاتحادية او قصر القبة وليس اكثر من ذلك.
لا تتعبوا انفسكم في اعلان نوايا المصالحة فيكفيكم ان تقرأوا التجربة الفلسطينية، كيف يمكنكم ان تتصالحوا مع قوم يقولون انهم اخوان مسلمون، اي انكم لستم اخوانهم ولستم مسلمين.