ثورة فوق النيل- فؤاد ابو حجلة
هي ثورة شعبية وليست مجرد هبة غضب ينفس فيها الشعب احتقانه وقهره ويأسه واحباطه مما جرى في مرحلة خارجة عن النص الثوري. أعني فترة حكم جماعة الاخوان المسلمين للبلاد.
يصر المصريون على الثورة حتى اكتمالها، ويواصلون تصعيدها بالنزول الى الشوارع ويلجأون في مراحلها المتعاقبة إلى أدوات ووسائل تبدو لغير المصري غريبة وغير منسجمة مع النفس الثوري كالاستغاثة بالجيش والاستعانة به، وهم يعرفون جيدا طبيعة جيشهم وعقيدته القتالية وانحيازه الى الدولة في مواجهة أي استهداف من أي طرف حتى لو كان النظام الحاكم.
يعيد المصريون الآن تعريف الربيع العربي، ويستعيدون ريادة الأمة كلها في صمودهم أمام الضغوط الخارجية وتحديهم لارادة الادارة الامريكية وحلفائها في الداخل المصري وفي المحيط الملغوم بارهاب القاعدة وخلاياها المتفشية كالسرطان في الجسد العربي.
بعين المراقب الغريب أتابع ما يجري ما في ميادين القاهرة وشوارعها وأعيش الحدث المصري يوما بيوم ولحظة بلحظة وأرفض نصائح الأصدقاء بالخروج من مصر في هذه الأيام، ليس من باب الشجاعة، ولكن لأكون قريبا من عين العاصفة ولأكون شاهدا محايدا على وقائع هذه المواجهة التي ستحسم حاضر ومستقبل مصر ومعها المنطقة كلها لأن الشأن المصري ليس، ولا يمكن أن يكون شأنا محليا مجردا.
كنت توقفت عن الكتابة شهرا كاملا منذ اندلاع الموجة الجديدة من الثورة وهي الموجة التي رافقها الكثير من التوتر والقلق وضعف وسائل الاتصال وقطع الطرق والاضطرار الى المبيت في منازل الأصدقاء عند استحالة الوصول الى البيت في أوقات معينة من الليل ومن النهار. لكنني لم أتوقف عن المتابعة وعن رصد ما يجري بعين الصحفي المحب للمكان أرضا وشعبا وكيانا سياسيا شاءت أقداره أن تتعلق بتحولاته مصائر الجوار العربي وغير العربي.
أعود الى الكتابة اليوم وأنا أكثر قناعة بأن الثورة المصرية مستمرة وأن الذين ذاقوا طعم القدرة على التغيير لن يقبلوا بأقل من مصر حرة وكريمة وموحدة وحضارية ورائدة.