ثورة فوق النيل (2)- فؤاد ابو حجلة
هو جنون بائن يتجلى في التصريحات المتشنجة ولغة التحريض والتهديد بتصعيد العنف في حواضر مصر وخواصرها. وهي غيبوبة سياسية مطلقة ينخرط فيها قادة التيار الاسلامي في المحروسة بعد أن رأوا حجم الرفض الشعبي لسلطتهم وصارت ظهورهم الى الحائط بعد أن سدوا كل نوافذ الحل والتسويات.
في هذا الجنون وفي هذه الغيبوبة يعلن أحد شيوخ رابعة العدوية أنه رأى جبريل في الميدان ويؤكد شيخ آخر أن المواجهة المحتدمة الآن هي حرب بين الكفر والايمان، ويذهب ثالث الى الاستنتاج بأن اعتدال الطقس وانخفاض درجات الحرارة في القاهرة هو تمكين الهي للمعتصمين في رابعة من أجل الصمود.
وفي ذروة الصبر على رد الفعل المنفلت من الاخوان المسلمين وأنصارهم يصل الفعل الاجرامي للجماعة مستويات غير مسبوقة عندما يحرقون المحال والسيارات في ميدان رمسيس في وسط العاصمة وعندما يغلقون جسر اكتوبر شريان القاهرة وممر العبور الى كل أحيائها وضواحيها وعندما يهددون الجيش ويلوحون بنقل ارهاب القاعدة في سيناء الى الداخل المصري.
رأيت بعيني فوضاهم وعبثهم على جسر اكتوبر وعانيت من الحشر ساعات طويلة في سيارة لم تستطع التقدم مترا الى الأمام او الرجوع مترا الى الوراء، ورأيت الخوف في عيون المصريين المحشورين على الجسر وهم مرعوبون من حملة السيوف والعصي.. والذقون الطويلة.
وتابعت كغيري أنباء الهجمات الاجرامية على افراد الجيش والشرطة المصرية في رفح المصرية وفي العريش. وأخافني الربط بين هذه الهجمات القاعدية وبين حركة حماس التي لم تتجشم عناء التبرؤ منها.
الاخوان المسلمون في مصر عاجزون تماما عن القراءة الواقعية لموقف الشعب المصري منهم ومن حركتهم، وكذلك تبدو حماس في غزة عاجزة تماما عن قراءة الموقف الشعبي الذي عبر عن نفسه بوضوح في ذكرى الانطلاقة قبل سبعة اشهر.
قد يستمر الجنون بعض الوقت لكنه لن يطول كثيرا.