التوجهات الاوروبية في الاتجاه الصحيح - عادل عبد الرحمن
التوجهات الاوروبية، التي اتخذت في ال 30 من حزيران الماضي، القاضية بمنع تمويل او التعاون مع المؤسسات او المنظمات او الاشخاص العاملة والمقيمة في المستوطنات. ليس هذا فحسب، بل ان القرار الاوروبي، يلزم دول الاتحاد في المستقبل بانسحابه على كل اتفاق مع الدولة الاسرائيلية، بحيث يكون بندا ثابتا في العلاقة الثنائية بينهما.
القرار الاوروبي شكل صدمة قوية في الاوساط الرسمية والاعلامية الاسرائيلية. استدعى عقد اجتماع وزاري طارىء برئاسة نتنياهو لمتابعة تداعياته على دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. رغم ان القرار الاوروبي تأخر كثيرا، وتأجل اكثر من مرة نتيجة الضغوط الاميركية. لهذا افترضت إسرائيل، ان الاتحاد الاوروبي، لن يلجأ لهكذا قرار، وكل ما يمكن ان يصدر عنه لا يتجاوز التلويح باصدار قرار .
لذا لجأ عدد من القيادات الاسرائيلية لاعتبار القرار الاوروبي "معطل لجهود جون كيري السلمية!" واعتباره كما قال نتنياهو "تدخلا في الشؤون الداخلية الاسرائيلية. وشكلا من اشكال الاملاءات" التي لن تسمح حكومته بها. وبالتالي شاء ان يقول، "لن نسمح للاتحاد الاوروبي المس بالاستيطان الاستعماري. وسنتابع خيارنا دون التفات لاوروبا" واعتبر نفتالي بينت القرار " عملية هجومية إقتصادية " واعتبره لبيد "توجيهات تعيسة" تأتي في الوقت السيء.
ولم تكتف حكومة نتنياهو برفض التوجهات الاوروبية، وإدانتها، وتشبيهها كما جاء على لسان وزير الاسكان، أرئيل، بانها "توجهات معادية للسامية ؟"، بل وضعت سلسلة من الخطوات لمواجهتها، ومن الاجراءات الاسرائيلية المضادة للموقف الاوروبي: فرض عقوبات تشمل تقييد حركة الديبلوماسيين الاوروبيين ، ومنع عمل الاتحاد الاوروبي من العمل في الضفة الغربية ، وتجميد مشاريع بادر اليها في المناطق ( C) ورفض إشراك الاوروبيين في العملية السياسية مع الفلسطينيين. وهو ما يعكس حالة التوتر والارباك الاسرائيلية، وشعورها بان الخطوة الاوروبية لم تعد حبرا على ورق، وآن آوانها للتنفيذ غدا الجمعة الموافق 19 يوليو / تموز. وحتى بات لدى القيادة الاسرائيلية قناعة، بأن الخطوة الاوروبية ليست منفصلة عن ضوء أخضر اميركي. وذلك لمساعدة كيري في إحداث إختراق في الاستعصاء الاسرائيلي على طريق دفع العملية السياسية للامام، من خلال العودة لطاولة المفاوضات وحماية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 67 قبل فوات الاوان، لاسيما وان العديد من القيادات الاسرائيلية السياسية والامنية وآخرهم ديسكين، قال مؤخرا، ان خيار الدولتين بات وراءنا، ولم يعد سوى خيار الدولة الواحدة.
وتعميقا للفكرة السابقة، حذر مسؤول اميركي رفيع المستوى، وعلى علاقة بالمساعي الجارية لاستئناف المفاوضات إسرائيل من ان فشل مساعي كيري سيجعل دول الاتحاد الاوروبي يقوم باتخاذ خطوات ومبادرات اشد من الخطوة المطروحة للتنفيذ ضد المستوطنات. وتابع المسؤول الاميركي يقول، ان الاوروبيين يمنحون واشنطن مهلة لاسنكمال محاولات إحياء المفاوضات، لكننا اذا لم تنجح تلك الجهود، فإن اوروبا ستتخذ خطوات شديدة، والاسرائيليون يعرفون ذلك". وهو ما يعني، ان الجعجعة الاسرائيلية الكاذبة،التي تدعي الحرص على جهود وزير الخارجية الاميركية، لم تنطلي على احد لا من الاوروبيين ولا الاميركيين ولا من الفلسطينيين والعرب.
الخطوة الاوروبية رغم انها تأخرت كثيرا، إلآ انها خطوة تأتي في الاتجاه الصحيح، غير انها تحتاج الى تعميق، وهو ما اشار له المسؤول الاميركي الرفيع، باتخاذ اجراءات وخطوات اوروبية واميركية وروسية واممية وطبعا فلسطينية وعربية اكثر قوة وتأثيرا على صانع القرار الاسرائيلي، لالزامه باستحقاقات عملية التسوية السياسية وحل الدولتين على حدود 67. ودون فرض عقوبات سياسية واقتصادية على دولة التطهير العرقي الاسرائيلية فإن إمكانية بلوغ الحل السياسي، تصبح إمكانية معدومة او صفر. لان حكومة نتنياهو، التي استقبلت جولة كيري السادسة بالاعلان عن بناء 1070 وحدة استيطانية جديدة في المستعمرات المقامة على اراضي القدس ورام الله، وهو ما يعكس توجه حكومة الائتلاف اليميني المتطرف في اسرائيل، الرافض للخيار السياسي السلمي، ويعمل جاهدا لتعطيل ونسف كل بارقة امل سياسية اميركية او اوروبية، مع ان العرب والفلسطينيين اعطوا وقدموا تنازلات كبيرة لصالح إحداث نقلة نوعية في طريق التسوية السياسية.
الكرة في المرمى الاوروبي والاميركي والروسي والاممي وبالتأكيد الفلسطيني والعربي لاتخاذ مواقف ضاغطة على إسرائيل والزامها بحل الدولتين قبل فوات الاوان، إن لم يكن الاوآن قد فات فعلا حسب توصيف ديسكين.