أبو السكر.. برحيله فقدنا حلاوته
القدس - رام الله - الدائرة الإعلامية
بشار دراغمة - حتى لحظة وفاته، كانت همته عالية، يتنقل بين رام الله ونابلس وقلقيلية، يطمئن على أوضاع أسرى محررين، يشاركهم همومهم، يحزنون سويا ويروون لبعضهم شيئا من الذكريات، وفجأة يضحكون أو أقلها يبتسمون عندما يتذكرون معا بعض "نهفات السجون"، فرغم قساوة السجان إلا أن الأسرى يصنعون لأنفسهم منفذا لابتسامة مؤقتة.
كان أحمد جبارة أبو السكر قبل ساعات قليلة من وفاته في مدينة نابلس، مرافقا وزير الأسرى والمحررين عيسى قراقع في جولة لزيارة عائلات أسرى في سجون الاحتلال، وآخرين محررين، لم يكن يدرك أنه سيفارق الحياة بعد ساعات قليلة، وكل ما كان في خلده كيف يخفف عن عائلة أسير طال انتظارها لرؤية نجلها، فيستمد أفراد تلك العائلة من "أبو السكر" صبرا وعزيمة، فهو صاحب تجربة الاعتقال التي امتدت حلقاتها لتوشك على إغلاق دائرة الثلاثة عقود، وما ان ينظر أفراد العائلة إلى الرأس الذي اشتعل شيبا، وبلغ الجسد من الكبر عتيا، حتى يدركون للحظة أن فجر الحرية سيأتي يوما، تماما كما حدث مع أبو السكر.
وشكلت رحلة صمود أحمد جبارة مصدر صبر لعائلات الأسرى، والكثيرون يطلقون عليه لقب "مانديلا فلسطين" تشبها بنيلسون مانديلا الذي حارب التمييز العنصري في جنوب أفريقيا ودفع من عمره سنوات خلف القضبان لتحقيق هدفه، تماما كأبي السكر الذي حيّر الأسرى بقدرته على الصمود كل هذه السنوات، وكيف كانت روحه مرحة، ومعنوياته تخترق حدود غرف مظلمة اتكأ فيها ما يزيد على 27 عاما.
في أزقة البلدة القديمة في نابلس تناول أبو السكر ووفد وزارة الأسرى، طعام الإفطار على مائدة والد الأسير سامي الخليلي المحكوم بالسجن 22 عاما، بينما الأب المصاب بالشلل يدرك أن وجود أبو السكر في بيته يعطيه الكثير من المعنويات، وكل ما يحلم فيه ذلك الأب العاجز عن الحركة هو رؤية ابنه قريبا.
كلمات أبو السكر دائما قليلة، لكنها تخلد صبرا، وتوقد شعلة أمل لدى كل من يستمع إليها، وكل منزل أسير يزوره يترك فيه بصمته الخاصة، وكأن حال ذوي الأسرى يقول: "ولكم في أبو السكر عبرة".
أبو السكر المولود عام 1936 رحل عن الدنيا، وبياض شعره فقد حلاوته برحيله، لم تعجبه أميركا الجنوبية، ولا الولايات المتحدة الأميركية التي عاش فيها، وأمضى سنوات في ولاية نيوجيرسي عاملا في التجارة، فكان همه أكبر، وقضيته أسمى، واعتقل بعد ان أمضى سنواته الطوال بتهمة مقاومة الاحتلال والمسؤولية عن تنفيذ عملية "الثلاجة" التي قتل فيها 13 إسرائيليا، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد و30 عاما، وحاول خلال تلك الفكرة التخلص من قيده بيده والهرب من سجون الاحتلال عندما استعان بزوجته التي أدخلت منشارا وضعته داخل الحذاء وتم العثور عليه في التفتيش واعتقلت زوجته وحُقق معها وحكمت مدة ثمانية شهور وغرامة مالية ومنعت من مغادرة فلسطين.
وشكل أبو السكر نموذجا في الصبر على القيد، وأسطورة في تحدي سياسات السجان، وخاض 13 إضرابا متواصلا عن الطعام بالإضافة لمئات الأيام المتفرقة، وكل ذلك من أجل كرامة الأسرى.
رحل أبو السكر نعم، وفقدنا حلاوته، ولن نرى بياض شعره سوى في الصور، لكنه ترك بصمته الكبرى وستبقى حلاوة ذكرى، وستواصل أمهات الأسرى التأكيد لأبنائهن أن "الفرج آت ولكم في أبو السكر وسعيد العتبة عبرة".
zaبشار دراغمة - حتى لحظة وفاته، كانت همته عالية، يتنقل بين رام الله ونابلس وقلقيلية، يطمئن على أوضاع أسرى محررين، يشاركهم همومهم، يحزنون سويا ويروون لبعضهم شيئا من الذكريات، وفجأة يضحكون أو أقلها يبتسمون عندما يتذكرون معا بعض "نهفات السجون"، فرغم قساوة السجان إلا أن الأسرى يصنعون لأنفسهم منفذا لابتسامة مؤقتة.
كان أحمد جبارة أبو السكر قبل ساعات قليلة من وفاته في مدينة نابلس، مرافقا وزير الأسرى والمحررين عيسى قراقع في جولة لزيارة عائلات أسرى في سجون الاحتلال، وآخرين محررين، لم يكن يدرك أنه سيفارق الحياة بعد ساعات قليلة، وكل ما كان في خلده كيف يخفف عن عائلة أسير طال انتظارها لرؤية نجلها، فيستمد أفراد تلك العائلة من "أبو السكر" صبرا وعزيمة، فهو صاحب تجربة الاعتقال التي امتدت حلقاتها لتوشك على إغلاق دائرة الثلاثة عقود، وما ان ينظر أفراد العائلة إلى الرأس الذي اشتعل شيبا، وبلغ الجسد من الكبر عتيا، حتى يدركون للحظة أن فجر الحرية سيأتي يوما، تماما كما حدث مع أبو السكر.
وشكلت رحلة صمود أحمد جبارة مصدر صبر لعائلات الأسرى، والكثيرون يطلقون عليه لقب "مانديلا فلسطين" تشبها بنيلسون مانديلا الذي حارب التمييز العنصري في جنوب أفريقيا ودفع من عمره سنوات خلف القضبان لتحقيق هدفه، تماما كأبي السكر الذي حيّر الأسرى بقدرته على الصمود كل هذه السنوات، وكيف كانت روحه مرحة، ومعنوياته تخترق حدود غرف مظلمة اتكأ فيها ما يزيد على 27 عاما.
في أزقة البلدة القديمة في نابلس تناول أبو السكر ووفد وزارة الأسرى، طعام الإفطار على مائدة والد الأسير سامي الخليلي المحكوم بالسجن 22 عاما، بينما الأب المصاب بالشلل يدرك أن وجود أبو السكر في بيته يعطيه الكثير من المعنويات، وكل ما يحلم فيه ذلك الأب العاجز عن الحركة هو رؤية ابنه قريبا.
كلمات أبو السكر دائما قليلة، لكنها تخلد صبرا، وتوقد شعلة أمل لدى كل من يستمع إليها، وكل منزل أسير يزوره يترك فيه بصمته الخاصة، وكأن حال ذوي الأسرى يقول: "ولكم في أبو السكر عبرة".
أبو السكر المولود عام 1936 رحل عن الدنيا، وبياض شعره فقد حلاوته برحيله، لم تعجبه أميركا الجنوبية، ولا الولايات المتحدة الأميركية التي عاش فيها، وأمضى سنوات في ولاية نيوجيرسي عاملا في التجارة، فكان همه أكبر، وقضيته أسمى، واعتقل بعد ان أمضى سنواته الطوال بتهمة مقاومة الاحتلال والمسؤولية عن تنفيذ عملية "الثلاجة" التي قتل فيها 13 إسرائيليا، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد و30 عاما، وحاول خلال تلك الفكرة التخلص من قيده بيده والهرب من سجون الاحتلال عندما استعان بزوجته التي أدخلت منشارا وضعته داخل الحذاء وتم العثور عليه في التفتيش واعتقلت زوجته وحُقق معها وحكمت مدة ثمانية شهور وغرامة مالية ومنعت من مغادرة فلسطين.
وشكل أبو السكر نموذجا في الصبر على القيد، وأسطورة في تحدي سياسات السجان، وخاض 13 إضرابا متواصلا عن الطعام بالإضافة لمئات الأيام المتفرقة، وكل ذلك من أجل كرامة الأسرى.
رحل أبو السكر نعم، وفقدنا حلاوته، ولن نرى بياض شعره سوى في الصور، لكنه ترك بصمته الكبرى وستبقى حلاوة ذكرى، وستواصل أمهات الأسرى التأكيد لأبنائهن أن "الفرج آت ولكم في أبو السكر وسعيد العتبة عبرة".