في المقهى حديثٌ عن خارطةِ مستقبلٍ فلسطينيةٍ- جهاد حرب
بادئ ذي بدء، تم استقاء كلمة خارطة المستقبل " Future Map" من الاعلان المصري في الثالث من يوليو، وهي كلمة في معناها ووقعها أفضل من خارطة الطريق الامريكيّة سيئة السمعة والصيت، والمليئة بالمنعرجات والالتفاف أتت برئيس الحكومة الاسبق طوني بلير، غير المرغوب به في فلسطين، ربيب نتنياهو للترويج للسلام الاقتصادي الذي ما زال يحاول اقناع كافة الاطراف الدولية بأنه قد يعطي أملا للسلام السياسي. وهي "أي خارطة المستقبل" تمنح املا بعملية التغيير أكثر من الانغماس في الاجراءات وتفاصيلها، وبفتح آفاق بحياة أفضل في المستقبل.
الأمر الآخر هو أن تفاصيل خارطة الطريق الفلسطينية تم استقائها خلال حديث في مقهى، كان صديق وجه الدعوة لي لاحتساء فنجان قهوة بعد الافطار فقط لا غير وانضم إلينا صديق آخر، في بانوراما الحديث الثلاثي الذي انتقل ما بين ما يجري في مصر وتأثيره على القضية الفلسطينية، وجولة جون كيري ومقترحاته، والحكومة الحالية وموعد الرابع عشر من آب القادم، وطبعا الانقسام وتأثيراته وصولا الى الاطمئنان على الاولاد. لكن اهم ما تم تناوله في بانوراما حديثنا هو كيفية الخروج من حالة الضعف الفلسطيني الناتج في احد جوانبه عن الانقسام السياسي، وأن الوحدة الوطنية هي الفاعل الأول في قوة الفلسطينيين في مواجهة التحديات، وبها تجاوزنا جميع الازمات على قلة حيلتنا، وهي "الوحدة الوطنية" رغبة شعبية لا ملهاة قيادية.
خارطة المستقبل تتعلق بالأساس في انهاء الانقسام؛ لا أدعي انها مبادرة تحمل توقيع أحد أو تمثل أحدا إنما هي أفكار تخالج الكثير من المواطنين، والعهدة هنا على الراوي فقط، تتضمن خارطة المستقبل ثلاثة بنود.
الأول: اعلان واضح وصريح من الرئيس الفلسطيني بأنه ملتزم بنتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وبأن الحكومة التي ستشكل بعدها هي حكومة وحدة وطنية مهما كانت طبيعة نتائج الانتخابات و/ أو صاحب الاغلبية الفائز بها.
هذا الامر ناجم عن أن أي فصيل أو حزب أو جماعة أو طائفة لا يمكنها القيام بأعباء الحكم في الدولة خلال المرحلة الانتقالية منفردا دون توافق وشراكة بين جميع المفاعيل السياسية ليس فقط على اقتسام مغانم الحكم بل على تبعاته واعبائه. وكذلك لتبديد التخوف لدى حركة حماس ان التهديد بالانتخابات يأتي لإخراجها من النظام السياسي أو اضعاف مكانتها فيه في ظل التوقعات بتراجع شعبيتها.
والثاني: اصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية خلال مدة أقصاها ستة أشهر، سواء بالاتفاق بين حركتي فتح وحماس أو دون اتفاقهما، وسواء تم تشكيل حكومة الوفاق الوطني أم لا.
لقد تآكلت جميع الشرعيات النضالية منها والدستورية، فلم يعد صندوق الاقتراع صالحا للتشدق به بعد أكثر من ثلاثة سنوات ونصف على انتهاء المدة الدستورية، والى حد باتت مهددة بالتمرد فصندوق الاقتراع لا يمنح صكا مطلقا للحاكم بالشرعية وفي هذه الحالة "التمرد الشعبي أو تجسيد الشرعية الشعبية" أصبح واجبا.
والثالث: تكليف لجنة الانتخابات المركزية بالتحضير للانتخابات ووضع الخطط الكفيلة بمنح المصداقية للعملية الانتخابية وتعزيز نزاهتها وشفافيتها من خلال وجود هيئات رقابة دولية تحظى بثقة الاطراف الفلسطينية لها دورٌ اشرافيٌّ سواء من كانت من هيئة الامم المتحدة و/أو دولية و/أو عربية و/أو اسلامية ومنظمات اجنبية وعربية وفلسطينية.
اعتقد أنه دون اصلاح البيت الفلسطيني سيبقى الفشل يلازم القضية الفلسطينية برمتها، ويلازم القيادة والاحزاب وأشباه الاحزاب. وان الحديث اليوم عن حركات الاحتجاج في العالم باتت ليست عابرة للأحزاب فقط بل أنها أصبحت ما بعد الحزبية. بات هدف انهاء الانقسام مركز اهتمام شعبي لإدراك الفلسطينيين لأنه "الانقسام" يمثل تحديا رئيسيا حاطا بآمال الشعب الفلسطيني المتمثلة بإنهاء الاحتلال ونيل الاستقلال، وأن تطوير أدوات الفعل "الثوري" في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي تبقى منقوصة دون وحدة الصف الوطني.
ملاحظة: للمرة الأولى نسمع أن اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح شهد نقاشاً عاصفاً وتم تأجيل اتخاذ قرار منذ العام 2009، بالكم عادت الروح للجسد وإلا هي "سحابة صيف وحتعدي".