وداع رجل شجاع - يحيى يخلف
رحل أمس السفير دليل القسوس، سفير دولة فلسطين في الجمهورية العراقية.رحل السيد عالي القامة، ورحل الغزال الجميل الذي ما أرهبه صياد، ولا أخافته قسورة.ما تردد في خوض معركة، ولم يكن الاّ في مقدمة الصفوف .
عمل في الثورة الفلسطينية منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي بتفان وانتماء واخلاص، ومارس العمل النقابي والسياسي والإعلامي بكفاءة واقتدار، وتحلى بالخلق الكريم، والنزاهة وانكار الذات، عرفته عن قرب، وعرفت فيه الصديق الوفي، والمناضل الصلب، والمبادر الشجاع.
انه دليل القسوس، ابن العائلة الأردنية المرموقة التي قدمت لوطنها شخصيات ثقافية وفكرية وسياسية واجتماعية، العائلة الكركية العريقة والنبيلة.جاء من الأردن الشقيق مؤمنا بالفكرة، بفكرة الحرية والتحرر ووحدة المصير القومي، واكتسب الهوية الفلسطينية مثلما اكتسب هذه الهوية جيل من المناضلين قدموا من مختلف الدول العربية ليمنحوا الثورة هويتها القومية.
لم تكن الهوية الفلسطينية هوية جغرافية فحسب وانما هوية نضالية، كانت الثورة فلسطينية الوجه، عربية القلب..
هكذا قال ياسر عرفات الذي كان يكنّ للكتيبة العربية التي التحقت بالثورة حبا واهتماما ورعاية تفوق حبه واهتمامه ورعايته لسواهم.. وكان لدليل القسوس مكانة خاصة عند عرفات، وكان ياسر عرفات يتخذ في مقر مجلة فلسطين الثورة – حيث كان دليل يعمل- مكتبا له في اطار تنقله الدائم لأسباب تتعلق بأمنه الشخصي، وعندما كان ابو عمار يدخل المقر يسأل عن دليل ويخصه بالسلام والملاطفة والممازحة، ويسأله عن أخباره واخبار عائلته.
ودامت هذه اللمسات الإنسانية لدليل بعد الخروج حين انتقل عمل دليل الى بغداد نائبا للأخ عزام الأحمد سفير فلسطين في العراق.بل ان ابوعمار عندما اصبح الأخ عزام وزيرا ثم رئيسا لكتلة فتح في المجلس التشريعي ثم عضوا في اللجنة المركزية وانتقل الى رام الله لم يتردد في الموافقة على تنسيب عزام بتعيين دليل سفيرا لما يمتلك من خبرة وكفاءة، وعلاقات مع ابناء الشعب العراقي.
برزت كفاءة وشجاعة دليل اثناء الغزو الأميركي للعراق في دوره وتصرفه في ظروف الأزمات، اذ استطاع ان يحمي الجالية الفلسطينية ويرعى شؤونها ويوفر احتياجاتها لفترة طويلة قبل ان تتناوشها المليشيات الطائفية
وتدفعها الى الخروج من بغداد واللجوء الى مخيمات على الحدود الأردنية والسورية، وكان يتابع أوضاعهم في مخيماتهم الجديدة ويستدرج لهم المساعدات، ويرعاهم ما استطاع الى ذلك سبيلا.
تعرض دليل بعد الغزو لمخاطر عدة..تعرض للتوقيف، ولتفتيش السفارة، وتعرض للتهديد من اجل اغلاقها، لكنه صمد، ولم يدخل الخوف قلبه على الرغم من انه لا يمتلك حرسا او مرافقين يمكن ان يدافعوا عنه. ظل صامدا في زمن الفلتان الأمني، زمن القتل على الهوية والسيارات المفخخة، ومثل اي قائد شجاع حافظ على موقعه، ولم يفعل مثل بعض السفراء الذين تركوا سفاراتهم وحملوا عائلاتهم، وغادروا. ظل علم فلسطين يرفرف في بغداد رمزا لحضور فلسطين في عمق محيطها القومي.
رحيل دليل القسوس آلمنا، وأوجع قلوبنا وقلوب كل من عرفه، وعرف تاريخه وسجاياه ودوره في الحياة الفلسطينية، وأوجع بشكل خاص قلب رئيس دولة فلسطين أبو مازن.
عاد جثمانه الى مسقط رأسه الكرك، الكرك توأم مدينة الخليل، حيث تربط المدينتين علاقات تاريخية وأسرية، وحيث تطل تلالهما على بعضها البعض، وإذ قمر واحد يطل عليهما. لك المجد والخلود ايها الصديق والقائد والإنسان، وانّ فلسطين لمحزونة..محزونة للغاية يا اشجع الرجال.
zaعمل في الثورة الفلسطينية منذ مطلع السبعينيات من القرن الماضي بتفان وانتماء واخلاص، ومارس العمل النقابي والسياسي والإعلامي بكفاءة واقتدار، وتحلى بالخلق الكريم، والنزاهة وانكار الذات، عرفته عن قرب، وعرفت فيه الصديق الوفي، والمناضل الصلب، والمبادر الشجاع.
انه دليل القسوس، ابن العائلة الأردنية المرموقة التي قدمت لوطنها شخصيات ثقافية وفكرية وسياسية واجتماعية، العائلة الكركية العريقة والنبيلة.جاء من الأردن الشقيق مؤمنا بالفكرة، بفكرة الحرية والتحرر ووحدة المصير القومي، واكتسب الهوية الفلسطينية مثلما اكتسب هذه الهوية جيل من المناضلين قدموا من مختلف الدول العربية ليمنحوا الثورة هويتها القومية.
لم تكن الهوية الفلسطينية هوية جغرافية فحسب وانما هوية نضالية، كانت الثورة فلسطينية الوجه، عربية القلب..
هكذا قال ياسر عرفات الذي كان يكنّ للكتيبة العربية التي التحقت بالثورة حبا واهتماما ورعاية تفوق حبه واهتمامه ورعايته لسواهم.. وكان لدليل القسوس مكانة خاصة عند عرفات، وكان ياسر عرفات يتخذ في مقر مجلة فلسطين الثورة – حيث كان دليل يعمل- مكتبا له في اطار تنقله الدائم لأسباب تتعلق بأمنه الشخصي، وعندما كان ابو عمار يدخل المقر يسأل عن دليل ويخصه بالسلام والملاطفة والممازحة، ويسأله عن أخباره واخبار عائلته.
ودامت هذه اللمسات الإنسانية لدليل بعد الخروج حين انتقل عمل دليل الى بغداد نائبا للأخ عزام الأحمد سفير فلسطين في العراق.بل ان ابوعمار عندما اصبح الأخ عزام وزيرا ثم رئيسا لكتلة فتح في المجلس التشريعي ثم عضوا في اللجنة المركزية وانتقل الى رام الله لم يتردد في الموافقة على تنسيب عزام بتعيين دليل سفيرا لما يمتلك من خبرة وكفاءة، وعلاقات مع ابناء الشعب العراقي.
برزت كفاءة وشجاعة دليل اثناء الغزو الأميركي للعراق في دوره وتصرفه في ظروف الأزمات، اذ استطاع ان يحمي الجالية الفلسطينية ويرعى شؤونها ويوفر احتياجاتها لفترة طويلة قبل ان تتناوشها المليشيات الطائفية
وتدفعها الى الخروج من بغداد واللجوء الى مخيمات على الحدود الأردنية والسورية، وكان يتابع أوضاعهم في مخيماتهم الجديدة ويستدرج لهم المساعدات، ويرعاهم ما استطاع الى ذلك سبيلا.
تعرض دليل بعد الغزو لمخاطر عدة..تعرض للتوقيف، ولتفتيش السفارة، وتعرض للتهديد من اجل اغلاقها، لكنه صمد، ولم يدخل الخوف قلبه على الرغم من انه لا يمتلك حرسا او مرافقين يمكن ان يدافعوا عنه. ظل صامدا في زمن الفلتان الأمني، زمن القتل على الهوية والسيارات المفخخة، ومثل اي قائد شجاع حافظ على موقعه، ولم يفعل مثل بعض السفراء الذين تركوا سفاراتهم وحملوا عائلاتهم، وغادروا. ظل علم فلسطين يرفرف في بغداد رمزا لحضور فلسطين في عمق محيطها القومي.
رحيل دليل القسوس آلمنا، وأوجع قلوبنا وقلوب كل من عرفه، وعرف تاريخه وسجاياه ودوره في الحياة الفلسطينية، وأوجع بشكل خاص قلب رئيس دولة فلسطين أبو مازن.
عاد جثمانه الى مسقط رأسه الكرك، الكرك توأم مدينة الخليل، حيث تربط المدينتين علاقات تاريخية وأسرية، وحيث تطل تلالهما على بعضها البعض، وإذ قمر واحد يطل عليهما. لك المجد والخلود ايها الصديق والقائد والإنسان، وانّ فلسطين لمحزونة..محزونة للغاية يا اشجع الرجال.