شباب ضد اليأس!- د.صبري صيدم
يكفي أن تقطع نصف متر بعد سور منزلك الشائك أو تفكر في تقليم حديقتك الخلفية أو حتى اصلاح خزان الماء حتى تجد نفسك معتقلاً باعتبارك معتدياً على حقوق حفنة من المستوطنين المعتدين.
هكذا هي الحياة بالنسبة لمجموعة من أهلنا المرابطين في تل الرميدة في الخليل ممن يعيشون حرب السنتيمترات من الأمل في مواجهة أميال من الطغيان يؤازرهم مجموعة من الشباب الذين يستحقون بجدارة أن تحمل مجموعتهم اسم شباب ضد اليأس.
هؤلاء الشباب يتدافعون في محبتهم للبلدة القديمة وشارع الشهداء وجنبات مدينة الخليل ومحافظتها وأهلها الذين يحاول الاحتلال أن يدفعهم نحو اليأس فيقطع الماء عنهم وشرايين الحياة ويضيق مساحة أملهم قناعة منه بأن عشرات من مستوطنيه سيهزمون مئات الآلاف من ابناء إبراهيم وسارة وجمعٍ مقاتل من هذا البلد.
حرب العقيدة المزعومة التي يقودها المستوطنون في تل الرميدة والبلدة القديمة وحتى هضاب ومسافر يطا وبني النعيم واراضي الظاهرية والسموع لا يمكن ان ترتبط بسيرة الأنبياء لأن هؤلاء ليسوا رسلاً للشر والاستفراد والاستحواذ على حياة البشر.
لذلك جاء الشباب ومعهم عيسى واكرم وتامر وجواد ومحمد وكل اسمائنا الفلسطينية ليوظفوا فطنتهم في مواجهة الاستيطان ليس فقط بالشعار والاعتصام والمواجهة وإنما أيضاً بالموسيقى والرسم والفن والتمثيل والمسرح والإبداع وحتى الاستدامة البيئية.
هذا الشباب هو مصنع الأمل وطارد اليأس وصاحب الإرادة الأكبر في الحياة بجدهم وكدهم وفعلهم الواضح في ترميم البيوت القديمة والمهجورة وحشد المتضامنين الأجانب والتفكير الدائم بسلسلة من الفعاليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
هؤلاء الشباب ليسوا مجموعة من المتسولين والمتزلفين وإنما مجموعة من المعطائين الغيارى ممن وظفوا طاقتهم لحماية الخليل من جبروت الاحتلال وهم أيضاً من يستوحون الإصرار من نجاحاتهم الميدانية وإن تخلى عنهم صناع القرار في بعض الأحيان أو تقاعسوا في أداء واجباتهم تجاههم.
هنا فلسطين.. هذا هو الشعار الذي يستوقفك عند آخر المنازل المتاخمة للأراضي والعقارات التي سطا عليها المستوطنون في تل الرميدة وهذه بالفعل هي فلسطين.. ساحة وفيرة من البؤس والظلم لكنها منصة مشرفة للعزيمة والصبر والإصرار وفوقهم جميعاً الأمل الذي يخلق في كل يوم مزيداً من أبناء "شباب ضد الاستيطان" و "شباب ضد اليأس"!
s.saidam@