"جنون" حماس .... والمسؤولية الوطنية - جهاد حرب
يثير الموقف المتخذ من قبل حركة حماس في الشأن المصري؛ عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من تموز/ يوليو، مسألتين غاية في الخطورة:
المسألة الأولى: المواءمة ما بين المسؤولية الوطنية والارتباط الخارجي أو متطلبات العمل السياسي للأحزاب السياسية القطرية والامتدادات الخارجية لها، أي علاقة حركة حماس بحركة الاخوان المسلمين وخضوعها للتعليمات الصادرة عن التنظيم الأم والمسؤولية المحلية "الوطنية" للتنظيم.
الغريب في الامر هذه المرة أن موقف حركة الاخوان المسلمين التي ترى أن "خلع الرئيس محمد مرسي أعظم "أجرم" من هدم الكعبة" لم يراعِ الخصوصيات المحلية وأفقدتها البرغماتية التي ميزتها على مدى سنوات طويلة من عمر الحركة. فقدان السيطرة "الهزيمة" على مقاليد الحكم في جمهورية مصر العربية احدث خللا محوريا في فكر التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وسلوكهم، وربما انساهم تجارب خاضوها في أماكن جغرافية أخرى؛ كتجربة أربكان في تركيا عند الاطاحة به في سنوات التسعينات، والعلاقة المختلفة لجماعة الاخوان المسلمين مع انظمة الحكم في الدول العربية من صراع في سوريا ما بين جماعة الاخوان المسلمين ونظام الحكم هناك، وفي الوقت نفسه تحالف حركة حماس "فرع الجماعة في فلسطين" مع النظام السوري "استراتيجي" في اطار محور الممانعة.
والمسألة الثانية: فهم طبيعة الخصوصية الفلسطينية التي تمنح الفلسطينيون القدرة على اتخاذ المواقف القادرة على تجنب الفلسطينيين الاخطار و / أو منحهم القدرة على تكييف مواقفهم مع المصالح الفلسطينية وتحدد سلوكهم في مواجهة التحديات المحدقة بالفلسطينيين. فعلى قيادة حركة حماس تحليل وفهم هذه الخصوصية لتحديد قراراتها وتواجهاتها ومواقفها اتجاه القضايا المحلية العربية، وفي سبيل ذلك عليها تذكر ما يلي:
أولا: حركة حماس تحتاج الى توسيع الدعم الجماهيري العربي في اطار المجابهة مع الاحتلال باعتبارها حركة مقاومة، والني حظيت على اساسه الدعم الشعبي العربي والاسلامي.
ثانيا: حركة حماس ليست كالفصائل الفلسطينية الصغيرة، بل هي ثاني أكبر تنظيم فلسطيني واتخاذها مواقف حادة في قضايا عربية محلية قد يدخلها في نزاع مع اطراف محلية في تلك الدول مما يؤثر على الفلسطينيين "اللاجئين" ومصالحهم وقدرتهم على العيش في تلك الدول، والخصوصية هنا ما بين الفلسطيني وغيره من مواطني الدول الاخرى أنه لا يستطيع أن يعود الى بلده فلسطين، وعليه أن يفقد ما يملك، لا يقصد هنا فقط المسألة المالية، والدخول في رحلة "التيه" الشتات من جديد.
ثالثا: حركة حماس تحكم "تسيطر" قطاع غزة وهي على تخوم مصر، بل أن المصريون يتعاملون معها على اعتبارها جزء من الأمن القومي لهم، وهي "مصر" الرئة التي يتنفس منها القطاع وسكانه مما يعني ادخال الشعب الفلسطيني في أتون معركة، لا ناقة له فيها ولا بعير، هو خاسر فيها مهما كانت النتائج، تتضرر مصالح الشعب الفلسطيني بشكل عام وفي قطاع غزة بشكل خاص.
رابعا: أن الحيدَّ عن القضية المركزية للشعب الفلسطيني في مرحلة التحرير والانشغال في قضايا جانبية أو "التدخل" في شؤون دول أخرى يفقد حركة التحرر المساندة الخارجية خاصة في دول الطوق ويدخلها تجاذبات مع فئات ومؤسسات ومراكز قوى ينبغي تجنب خسارتها في معركة الفلسطينيين الأساسية.
تفيد التجربة الفلسطينية أن الانغماس أو التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، في الاردن ولبنان والموقف من حرب الخليج الثانية، أفقد الفلسطينيين قوة المساندة العربية وأضعفهم، وحرفت مساراتهم، وأجلت "انتصاراتهم". ويقال أن العاقل يتعلم من تجارب غيره لا من تجاربه، فالموقف من احداث "ثورة" 30 يونيو وعزل الرئيس محمد مرسي يمثل جنونا جديدا تحمله حركة حماس هذه المره.